عباد الله: إذا كان يباح للمرأة -كما تقدم معنا- أن تخرج إلى المسجد فيباح لها أن تخرج بمفردها، ويستحسن لزوجها أو لأحد محارمها أن يصحبها إلى بيت الله أو إلى المكان الذي ستذهب إليه ورُخص لها فيه، والرجل حقيقةً حارسٌ حارسكٌ للمرأة، وإذا مشى الرجل مع المرأة تنقطع نحوها أطماع الطامعين، ومما يروى أن امرأةً كانت تخرج إلى بيت الله الحرام في بلد الله الحرام في مكة المكرمة لأداء الصلاة في المسجد، فكان يتعرض لها بعض السفهاء من الأنام، فكانت تذكره بالرحمن وتقول له: اتق ذا الجلال والإكرام، نحن في اقدس وأطهر وأشرف بقعةٍ، فلا ينفك عن غيه ويسمعها كلاماً لاذعاً يجرحها ثم بعد ذلك قالت لزوجها في يومٍ من الأيام أريد أن تذهب معي إلى الصلاة، قال ولما في الأيام الماضية تذهبين بمفردك وأنا أيضاً أذهب بمفردي؟ يعني من طريق وكل واحد يذهب ويعود، قالت: أريد أن تصحبني، وكان ذاك العاتي يجلس في الطريق ينتظرها في ذهابها وإيابها، فلما مرت مع زوجها هرب وولى مسرعاً، فقالت تَعْدُو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولةً الرابض المتأسد.
كان أئمتنا يقولون: نتمنى ألا يوجد فتاة على وجه الأرض إلا وسمعت هذا البيت، فإن لم تكن مزوجةً فلتتزوج وإن تكن مزوجةً وأردت أن تخرج فلتخرج مع رجل، فالرجل بالنسبة للمرأة كالكلب الأمين الوفي، وهذا من الصفات المحمودة في الكلاب التي يُشَبَّهُ بها وفاء الرجال كما قال العبد الصالح الإمام الشاطبي في حرز الأماني ووجه التهاني وقد قيل:
كن كالكب يقصيه أهله ... وما يأتل في نصحهم متبدلا
إن صدق الكلب ووفاءه مع أهله ومع من يكون عندهم يضرب به المثل، وهكذا الرجل حميته وغيرته، شهامته ورجولته، حرزه وحراسته للمرأة تعدل حراسة الكلب لمن يكون عندهم.
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي صولة المستأسد الرابض