إذاً إذا حصل اقتراب بين الصنفين، يحصل ما يوجد في الطبيعة البشرية من تطلع كل صنفٍ إلى الآخر، من أجل هذين الأمرين أمر الله جل وعلا النساء أن يصلين في بيوتهنَّ، وهذا خيرٌ لهنَّ من صلاة الرجال في بيوت ربهم، فلهنَّ أجرٌ يعدل صلاة الرجال في جماعةٍ، وأزيد كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-في حديث أم حميد:، ولذلك إخوتي الكرام، عندما كثرت هذه الحوادث والسلبيات، كان بعض أئمتنا يرى منع النساء من حضور المساجد، ففي الصحيحين، وسنن الترمذي، وموطأ الإمام مالك، عن أمنا عائشة -رضي الله عنها- والحديث من رواية عَمرَة بنت عبد الرحمن، عن أمَّنا عائشة -رضي الله عنها- قالت: (لو رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء بعده في المساجد لمنعهنَّ من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها، فقيل لِعَمرَة بنت عبد الرحمن أمنعن؟) يعني النساء في بني إسرائيل، قالت: نعم. وتقدم معنا أنهنَّ منعن من رواية أمنا عائشة -رضي الله عنها- في مصنف عبد الرزاق بإسنادٍ صحيح، تقول: لو رأى ما أحدث النساء بعده، لمنعهنَّ من المساجد، كما منعت بنو إسرائيل نساءها.
وأئمتنا قالوا: إن النبي -عليه الصلاة والسلام-لم ير، ولم يمنع، والله يوحي إليه بكل شيء ولو كان منع النساء من حضور المساجد واجباً، وعليهنَّ إثمٌ في الحضور لو كان كذلك لأعلم الله نبيه -عليه الصلاة والسلام-بذلك، نعم تمنع من لم تحافظ على الصفة الشرعية في خروجها، ودخولها لبيت ربها كما سيأتينا.
وثبت في معجم الطبراني الكبير، بسندٍ رجاله موثقون، كما قال الهيثمي في المجمع، وقال الإمام المنذري: إسناده لا بأس به، عن أبي عَمرو الشيباني قال: (رأيت عبد الله بن مسعود يخرج النساء من المسجد يوم الجمعة ويقول أخرجن بيوتكنَّ خيرٌ لكنَّ) .