فقال الحنفية عليهم رحمة الله إذا لم يكن الجهاد فرضاً واجباً في الحالة الثانية هو أفضل من التعلم والتعليم، وأفضل من الجهاد في سبيل رب العالمين، لما؟ أنت بالنكاح تحافظ على الموصوف والصفة، وأما في الجهاد فتحافظ على الصفة، وقد يوجد الموصوف قليل، أي المسلم قد لا يوجد، وأما النكاح مضمون، تزوج مثلاً زوجة أو أربعة زوجات، وواحدة أنجبت عشراً، والأربعة أربعون، فولد له أربعون ولد، كلهم مسلمون يوحدون الحي القيوم كم لك من الأجر عند الله -جل وعلا-؟ أجل ولو يخطر ببالك رُبَّ جماعٍ خيرٌ من عبادة ألف سنةٍ، وهذا ما قرره الإمام ابن القيم عليه رحمة الله في بدائع الفوائد ومال إلى رأي الحنفية0 فقال: النكاح أفضل من التخلي لنوافل العبادة، ومما يروى في ترجمة العبد الصالح الأواه الإمام المبجل أحمد بن حنبل -عليه رحمة الله- أنه ذكر النكاح يوماً وحث عليه، فقال له تلميذه وصاحبه الذي تقدم معنا أبو بكر المروزي، يا إمام يذكرون عن إبراهيم بن أدهم، يعني أنه ما تزوج يريد أن يكمل الكلام، يقول: فصاح بي الإمام أحمد فقال: جئتنا ببنيات الطريق: أي بالطرق المتعرجة من الطريق العام إذا سلكتها وصلت إلى الهلاك والمهلكة، جئتنا ببنيات الطريق؟ أنظر -عافاك الله- ما كان عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فافعله، أما بشر الحافي، أما إبراهيم بن أدهم، أما ابن تيمية، أما الإمام النووي، أئمة أعلام، أئمة هدىً كونهم تركوا النكاح لعذرٍ عندهم يُسقط اللوم لا يوجب فضيلة، وشتان بين سقوط اللوم وبين أن نقول: إنه فضيلة، تركوا النكاح إما خشية عدم حصول القوت الحلال، خشية الاشتغال بالعيال عن رتبة الكمال، خشية عدم القيام بالحقوق الزوجية، اعتبارات كل هذه أعذار تسقط عنهم اللوم، ليس ما فعله يعتبر قدوة لنا فيه وينبغي أن نقتديَ بالإمام النووي، أو ابن تيمية، أو بشر الحافي، أو إبراهيم بن أدهم، لا نقتدي إلا بسيد الخلق -عليه صلوات الله وسلامه-،