عباد الله: تشيد المساجد له حالتان الحالة الأولى أن يكون البناء محكماً قوياً متقناً متناسباً له فرشٌ جيد يريح المصلي إذا دخل إليه ليس فيه بعثرة ليس فيه ألوانٌ تشتت النظر فهذا مشروع جائز وهذا من الرفع الذي أمرنا به وهذا الذي فعله الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، وهناك تشيدٌ منهيٌ عنه أن يكون هناك صورٌ وألوانٌ وزهورٌ وورود وغير ذلك تصبغ بها الجدران بحيث من نظر إليها تشتت ذهنه وتفرق قلبه فهذا منهي عنه ثبت في صحيح البخاري معلقاً والأثر وصله الإمام أبو داود بسند صحيح كالشمس في سننه من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان مسجد النبي عليه الصلاة والسلام مبني بلبن وهي البن التي تصنع من الطين، مبني بلبن وكان سقفه من جريد النخل، وكان عموده من خشب النخل، فبقيَ على ذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه ولم يغير فيه شيء،) وثبت في سنن أبي داود أن أبي بكر رضي الله عنه غير السواري فقط عندما دخل فيها السوس ونخرت فغيرها بمثلها، غيَّر السواري التي هي الأعمدة من خشب النخل بسواري أيضاً من خشب النخل، لكنه ما زاد في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام شيئا، السواري نخرت فغيَّرها، فلما جاء عمر رضي الله عنه وكثر الناس وسَّع المسجد مسجد النبي عليه الصلاة والسلام لكن حافظ عليه كما كان بناءٌ بلبن والسام والأعمدة من خشب النخل وسقفه من جريد النخل، فلما كان عثمان رضي الله عنه وعن الصحابة الكرام أجمعين وكثر الناس وفي سنن أبي داود ونخرت أيضاً السواري بواسطة السوس الذي فيها وسَّع المسجد توسعة عظيمة وغيَّر البناء الذي كان عليه فبناه بالحجارة المنقوشة في سنن أبي داود بإسناد صحيح بالحجارة المنقوشة والقصة: وهي الجس في لغة أهل الحجاز وجعل أعمدته من حجارة منقوشة وجعل سقفه من خشب الساج.