وهذه البيوت هي المساجد قطعاً وجزما، وقد اقتصر كثير من المفسرين على ذلك كالإمام ابن كثير وغيره عليهم جميعاً رحمات ربنا الجليل، ولم يذكر قولاً آخر، وذكرت بعض كتب التفسير أقوال كثيرة مردها إلى أمرين.
الأمر الأول: بيوت غير المساجد ذكرت في تلك الأقوال لكنها لا تتعارض مع هذا وتدخل في القول الأول، فقال عدد من المفسرين، وهذا منقول من السلف.
{في بيوت أذن الله أن ترفع} في مسجد الكعبة، في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، في مسجد البيت المقدس في المسجد الأقصى {في بيوت أذن الله أن ترفع} هذه المساجد الثلاثة، بعضهم أضاف إليها مسجداً رابعاً مسجد دمشق، هذا كله لا يتعارض مع ما تقدم بل يدخل فيه، وهو من باب التفسير العام كما قال أئمتنا ببعض أفراده تمثيلاً على ما يدخل في هذا العام لا ما باب الحصر أي من البيوت التي أمر الله برفعها؟ المسجد الحرام، ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وبيت المقدس، ومسجد دمشق، وغير ذلك من المساجد، فهذا القول يدخل في القول الأول، إنما ذكر نوعاً خاصاً واللفظ أعم من ذلك، وهناك أقوالٌ يمكن أن تجمع في ضابط معين وهو أنه ذكر ما يتعارض مع القول الأول من حيث التفسير لكن مع ذلك إن عرضه من حيث الظاهر لا ينافيه ولا يلغيه.
فقال مجاهد عليه رحمه الله {في بيوت أذن الله أن ترفع} هي بيوت النبي عليه الصلاة والسلام لقول الله جل وعلا لأمهاتنا أزواج النبي عليه وعليهم صلوات الله وسلامه {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} فهي بيوت مرفوعة حساً ومعنى ينبغي أن تكرم وأن تعظم وأن تحترم بيوت النبي عليه الصلاة والسلام وينبغي على من فيها أن يكثر من ذكر الله وقراءة القرآن.