وصفوة المقال: إن شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم، اتفقت في مسمى الشجرة مع شجرة طوبى المعدة للأبرار، والتباين بينهما كالتباين الحاصل بين دار الأبرار، ودار الفجار والأشرار والتباين أيضاً بين ما في الآخرة من نعيم للمؤمنين، وجحيم للكافرين، وبين ما هو موجود في الحياة الدنيا كالتباين بين الدارين، ولا يعلم حقيقته إلا رب الكونين، وليس بين تلك المسميات اتفاق إلى في الأسماء، فالمباينة بين صفات المخلوقين الضعفاء، وبين صفات رب الأرض والسماء، أعظم بلا امتراء، فقبحاً ثم قبحاً لعقول المعطلة، وتباً ثم تباً لتلك العقول السافلة، حيث لم تفهم من صفات الله الجليل، إلا التمثيل بالمخلوق الحقير، تعالى عن ذلك ربنا العلي الكبير: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} الحج74، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} الزمر67.

وقد كان الناس صنفان، نحو صفات الرحمن، ونحو ما يكون في الآخرة من عذاب وإكرام أهل السنة الكرام: يثبتون الأمرين على حقيقتهما كما أخبر الرحمن، ولا يتوهمون كيفية في الأذهان، ويثبتون المباينة بينهما وبين ما هو معروف للإنسان.

فلا سفة زنادقة، وباطنية من دين الله مارقة، ينفون الأمرين كليهما، ويحملون النصوص الواردة فيهما، على التلبيس والتخييل، والتمويه والتضليل، والرمز والتزوير – فعليهم لعنة الله الجليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015