فاستمع لما يقول الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول: رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفى فى صلاح القلب إلا أن يمزج بالرقائق والنظر فى سير السلف الصالحين فأما مجرد العلم بالحلال فليس لله كبير عمل فى رقة القلب وإنما ترق القلوب بذكر رقائق الحديث وأخبار السلف الصالحين أنهم تناولوا مقصود النقل يعنى العلوم المنقولة وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها وما أخبرت بهذا إلا بعد معالجة وذوق لأنى وجدت جمهور المحدثين وطلاب الحديث همة أحدهم فى الحديث العالى وتفسير الأجزاء وجمهور الفقهاء فى علوم الجدل وما يُغلب به الخصم وكيف يرق القلب مع هذه الأشياء وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه لا لاقتباس علمه وذلك أن ثمرة علمه هديه وسمته فافهم هذا وامزج طلب الفقه والحديث بطالعة سير السلف والزهاد فى الدنيا ليكون سببا لرقة قلبه وقد جمعت لكل واحد من مشاهير الأخيار كتابا فيه أخباره وآدابه فجمعت كتابا فى أخبار الحسن يريد سيدنا الحسن البصرى رضى الله عنه وأرضاه الذى كان أفصح الناس فى زمنه بسبب ما در عليه ثدى أمنا أم سلمة رضى الله عنها وأرضاها زوج نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه كانت تعامله أحيانا تعطيه ثديها وهو صغير فقيل درَّ عليه شىء من اللبن بعد وفاة نبينا المكرم عليه صلوات الله وسلامه فتلك الفصاحة والحكمة والبلاغة من أثر ذلك اللبن المبارك واللبن للفحل لسيد الفحول نبينا الرسول على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه