قال شيخنا الكريم محمد الأمين – عليه رحمة رب العالمين –: أليس الظاهر المتبادر مخالفة الخالق للمخلوق في الذات، والصفات، والأفعال؟ والجواب الذي لا جواب غيره: بلى وهل تشابهت صفات الله – جل وعلا – مع صفات خلقه حتى يقال: إن اللفظ الدال على صفته – تبارك وتعالى – ظاهره المتبادر منه تشبيهه بصفة الخلق؟ والجواب الذي لا جواب غيره: لا فبأي وجه يتصور عاقل أن لفظاً أنزله الله – جل وعلا – في كتابه، دالا ً على صفة من صفات الله – عز وجل – أثنى بها على نفسه يكون ظاهره المتبادر منه مشابهته لصفة الخلق؟ سبحانك هذا بهتان عظيم، فالخالق والمخلوق متخالفان كل التخالف، وصفاتهما متخالفة كل التخالف، فبأي وجه يعقل دخول صفة المخلوق في اللفظ الدال على صفة الخالق؟ أو دخول صفة الخالق في اللفظ الدال على صفة المخلوق، مع كمال المنافاة بين الخالق والمخلوق؟ فكل لفظ دل على صفة الخالق ظاهره المتبادر منه أن يكون لائقاً بالخالق منزهاً عن مشابهة المخلوق، وكذلك اللفظ الدال على صفة المخلوق لا يعقل أن يدخل فيه صفة الخالق.

... فإن قيل: إن هذا القرآن نزل بلسان عربي مبين، والعرب لا تعرف في لغتها كيفية لصفات الله – عز وجل – إلا المعاني المعروفة عندها، فبينوا لنا كيفية ملائمة الصفات لما ذكرتم.

... الجواب: أن العرب لا تدرك كيفيات صفات الله – تبارك وتعالى – من لغتها، لشدة منافاة صفة الله الجليل، لصفة الخلق، فلا تعرف العرب لصفات الله – جل وعز – كيفية، ولا حداً لمخالفة صفاته لصفات الخلق، إلا أنهم يعرفون من لغتهم أصل المعنى، كما قال الإمام مالك وغيره من السلف الكرام – عليهم رحمة الرحيم الرحمن –: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015