ولذلك يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله فى مجموع الفتاوى:ومن الرحمة فى هذا فيما يتعلق بالسياسة الشرعية، وهى رسالة مطبوعة على إنفراد، السياسة الشرعية وهو موضوع جزء ضمن مجموع الفتاوى فى الجزء الثامن والعشرين صفحة مئتين وعشرة، يتحدث الإمام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الأمر فيقول: إذا لم يكن مع العلماء سلطان ورضى العلماء بتحصيل العلم والعكوف عليه وما سعوا لإقامة سلطان وحكم ليكون الدين كله لله، فهم ضالون كالنصارى تماماً، كما هو حال القسس والرهبان، تنحوا عن شؤون الحياة وحكمها بعد ذلك الكفرة شر البريات..فيريد منا من يدعونا إلى فصل الدين عن السياسة أن يبقى العلماء كالقسس ضالون تائهون حائرون، هذا يضربهم وذاك يقتلهم، ولا ناصر لهم، وحكم بلا دين هذه طريقة المغضوب عليهم وهو طريقة اليهود الذين غضب عليهم ربنا المعبود، الذين يريدون علواًفى الأرض وفساداً..
الحكم إذا تجرد عن الدين ما مآله؟ إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعاً، ولذلك قال تعالى بعد ذلك {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} .
فالحكم إذا تجرد عن الدين علواً وفساد، الدين إذا تجرد عن الحكم ضلال وضياع.، ولذلك صنفان فى الأمة إذاصلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس العلماء يجتثون الشبه ويزيلون الأوهام من الأذهان، ويقررون بالحجج والبراهين دين الرحمن، وورائهم بعد ذلك سلطاناً وسيف وسنام، يدعوا الناس إلى دين الإسلام بعد أن أزيلت الشبه، فمن كابر وركب رأسه لا بد من علاجه، وإذا لم ينفع معه الكلام فلا يصلحه بعد ذلك إلا السيف والسنام {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} .