يا إخوتى الكرام: لايجوز أن خرج الكرامة عن واقعها وظاهرها وحالها، هى كرامة أمر خارق للعادة، كالمعجزة، لكن تلك تقع على يد الرسول وهذه على يد العبد الصالح الولى القانت لله جلّ وعلا، تلك على يد نبى هذه على يد ولى..فقط، فهى خارق للعادة..خارق ما جرت العادة بمثله ولو كانت على حسب المعروف المألوف لما كانت كرامة كما لو كانت معجزة إذا وقعت على يد نبى.
وقد ثبت فى مسند الإمام أحمد والصحيحين من حديث ابى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: [قد كان فى الأمم قبلكم محدثون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن فى أمتى أحد منهم فعمر] ، ما معنى محدثون؟ ملهمون مكاشفون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن فى أمتى أحد منهم فعمر، قال الحافظ ابن حجر عليه رحمه الله فى الفتح: وقول النبى صلى الله عليه وسلم فإن يكن فى أمتى أحد فعمر لن يورده مورد الترديد، يعنى إذا فرض وجود واحد من هذا الصنف فى هذه الأمة فهو عمر ... لا، إنما أورده مورد التحقيق، فكأن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: الأمم السابقة كان فيها هذا الصنف وهذا النوع يكاشفون ويحدثون من غير أن يكونوا انبياء ومن غير أن ينزل عليهم وحى السماء، فهذه الأمة من باب الأولى أن يكاشف فيها الصالحون وأن يخبروا بشىء مما يقع عن طريق الكرامة وهى أمر خارق للعادة ... عن طريق الكرامة لما؟ لأهذه الأمة أكرم على من الأمم السابقة.