إذن هذه الآيات على القول بأنها مدنية نزلت من أجل استيضاح اليهود عن قول الله جل وعلا وما أوتيتم من العلم إلا قليلا يشملهم أى يشمل الأميين العرب فقط فلما قيل لهم يشملكم أكثروا الشغب والضجيج وقالوا نحن نزل علينا التوراة فنزلت هذه الآية {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} وأما الآية التى استثنيت وهى الآية الرابعة فى البداية {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} وهذا كما قلت نقل عن الحسن وذكره أيضا الرازى على أنه ممكن أن يكون أما هذه الآية أى الآيتان المتقدمتان مما استثنى من مكية آيات سورة لقمان هذا القول: {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} نقل عن الحسن عليه رحمة الله وتقدم معنا أن أقوال التابعين فى هذا لها حكم الرفع المرسل فنحن إن أردنا أن نأخذ هذا القول كيف هذا ما وجه هذا القول يقول الإمام الألوسى عليه رحمة الله لعل قائل هذا بناه على أمر وهو أن الله جل وعلا قرنه بين الصلاة والزكاة فى المدينة المنورة وما قرن بينهما فى مكة المكرمة نعم فرضت الصلاة فى مكة وفى ليلة الإسراء باتفاق وأمر الناس بالزكاة دون بيان الزكاة التى لها نصاب محدد إنما بالصدقة والإحسان فى مكة لكن ما قرن بينهما فى آية إلا فى المدينة فلذلك هذه الآية مدنية لأن القرن بين الصلاة والزكاة حصل فى المدينة.