الحكمة الثانية: والفائدة الثانية من تسوير القرآن للدلالة على موضوع السورة فكل سورة لها موضوع معين عالجته فلو كان القرآن متتابعا لما أمكنك أن تحدد الموضوع الذى تريد أن تنظر فيه فى مكان معين فمثلا الذى يريد أن يبحث عن حديث الله جل وعلا عن النحل وفى أى مكان ذكر الله هذا مباشرة تقول له افتح سورة النحل: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون} إلى آخر ذلك من الآيات وهكذا الذى يريد أن يعلم حديث القرآن عن العنكبوت وهكذا عن غير ذلك من الأمور عن قصة البقرة فإذن كل سورة عالجت فى الغالب موضوعا معينا ولذلك سميت باسمه فللدلالة على موضوع السورة سور القرآن وجعل سورا ليكون اسم تلك السورة دالا على ذلك الموضوع وسور القرآن تسمى بأشهر شىء فيها مما هو مستغرب أو نادر تكرر ذكره لما فيه من حكمة عجيبة إما فيما يتعلق بخلقه أو صفة من أوصافه أو فيما يتعلق به من الأحكام المتعلقة به سورة النساء سميت بهذا كرر الله ذكر النساء فى سورة النساء عشرين مرة ثم بعد ذلك عندما يتأمل الإنسان هذه الأحكام يرى حقيقة أن السورة أهلا لأن تسمى بسورة النساء ففيها قضى الله على عادات الجاهلية الذين كانوا لا يعدون النساء شيئا بل كانوا لا يذكرون النساء إلا فى مقام التحقير فلها سورة كاملة للنساء وفى ذلك أيضا التحذير مما وقعوا فيهن ونحوهن من الفتنة فإذن لفت الله أنظار العباد إلى هذين الأمرين هذه مكرمة ولها قدر ثم بعد ذلك يخشى منها كل فتنة وغيا فكان كفر من كفر من المتقدمين من قبل النساء وسيكون كفر من سيأتى من اللاحقين من قبل النساء كما ثبت هذا عن ابن عباس رضي الله عنه سميت بهذا الإسم دلالة على الموضوع الذى عالجته وتكرر فيها أكثر من غيرها فإذن هذه حكمة ثانية من أجلها سور القرآن وجعل سورا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015