إخوتى الكرام: بهذه الأمور الثلاثة من تربية القلوب وربطها بعلام الغيوب وبالأخلاق الفاضلة وبالإشارة إلى قصص الأمم البائدة وما فى ذلك من عبر حسبما تقدم معنا ووعدت بمزيد من التفصيل عند مدارسة قصة العبد الصالح لقمان عليه رضوان الله ورحمة الله عليه وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات فى جميع العصور والدهور لهذه الأمور الثلاثة غير الله جل وعلا فكر الإنسان فى العصر المكى وغير طريقة التفكير عند الإنسان أما الفكر فقلت كان الإنسان يلهث وراء الشهوة والمنفعة العاجلة فجعله الإسلام بهذه القيم والموازين الثابتة يطلب رضوان الله جل وعلا فصار مقياس عمله والذى يحركه ويسكنه رضوان الله فيفعله سخط الله وغضبه فيتركه حلال يفعله حرام فيتركه إذن هذا صار مقياس عمل الإنسان فى العصر المكى عند المؤمنين بالله جل وعلا وهذا ينبغى أن يكون هو المقياس عند المؤمنين فى جميع العصور الدافع لأفعالنا ولحركاتنا وسكناتنا وحبنا وبغضنا رضوان الله جل وعلا وسخظه فما يرضيه نفعله وما يغضبه نتركه ولا نبحث بعد ذلك فى شىء آخر على الإطلاق.
فالصحابة الكرام رضوان الله عليهم عكفوا على هذا وهذا صار وصفا لهم ولذلك عندما رسخ هذا الأمر فى ذهنهم وفى قلوبهم نزلت بعد ذلك آيات الأحكام والحلال والحرام فنهوا عن الزنا وعن شرب الخمر وعن الربا وعن وعن بعد أن تطهرت القلوب ولو نهوا عن هذه القاذورات من أول الأمر كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها لو قيل لهم فى أول الأمر لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو قيل لهم لا تزنوا لقالوا لا نترك الزنا أبدا أنزل على النبى عليه الصلاة والسلام وأن جارية ألعب بل السعة موعدهم والساعة أدهى وأمر من سورة القمر وما نزلت عليه البقرة والنساء إلا وأن عنده فى المدينة رضوان الله عليها وصلوات الله وسلامه على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين والحديث كما قلت فى صحيح البخارى.