كنا نتدارس فى الدرس الماضى الأسباب التى دعتنا لاختيار تفيسر سورة لقمان قبل غيرها وقلت إن الذى دعانى لذلك ثلاثة أسباب كنا نتكلم على السبب الثالث أن هذه السورة مكية وإذا كانت مكية فينبغى أن نبحث فى طبيعة القرآن الكريم لأن حال الناس فى هذه الأيام يشبه حال الناس فى الجاهلية فبل بعثة خير البرية عليه صلوات الله وسلامه فالقرآن المكى نقلهم من السفاهة والضلالة إلى الهدى والرشاد فلعلنا نحذو حذوهم عندما نتعرف على طبيعة القرآن المكى وكيف ربى الله عباده فى العصر الأول.
إخوتى الكرام: قلت أن القرآن المكى دار محور حديثه على ثلاثة أمور.
الأمر الأول: ربط القلوب بعلام الغيوب عن طريقين اثنين عن طريق ما لله جل وعلا من صفات فهو رب العالمين له الأسماء الحسنى يتصف بكل كمال يتنزه عن كل نقصان ينبغى أن نفرده بالعبادة وحده لا شريك له فهذا حقه علينا سنؤول إليه بعد ذلك ليحاسبنا على أعمالنا {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} .
وأما الجانب الثانى: فى بناء القلوب فكان الإشارة إلى حال هذا الإنسان فهو ضعيف فقير قسرا واضطرارا فينبغى أن يتذلل لربه جل وعلا طوعا واختيارا لهذين الأمرين تبنى القلوب ويحصل فيها الخشية من علام الغيوب.
والأمر الثانى: الذى تحدث عنه القرآن المكى الإشارة إلى أمهات الفضائل ومكارم الأخلاق وقلت لا نسخ فيها بين الشرائع فهذه الأخلاق الفاضلة وصى بها الله النبيين ليبلغوها إلى أممهم على نبينا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه ولا تختلف من شريعة إلى شريعة.
والأمر الثالث: القصص والإشارة إلى أحوال الأمم الغابرة والقرون البائدة وذكرت العبر من ذلك.