إذن رب العالمين وخالق المخلوقات أجمعين يعلم كل شىء وهو الغنى عما سواه وله كل شىء سبحانه وتعالى إذا كان الأمر كذلك فينبغى أن نفرده بالعبادة وأن نشكره على نعمه التى أسداها إلينا وهذا ما أشار إليه ربنا جل وعلا فى سورة لقمان: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد} ، {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} .
{أن اشكر لله} ورأس الشكر أن توحد الله جل وعلا وأن تفرده بالعبادة وأن تسير جميع شؤونك على حسب ما يريد ربك الذى خلقك سبحانه وتعالى {ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه} لا ينتفع بطاعتك ولا يتضرر بمعصيتك {ومن كفر فإن الله هو غنى حميد}
وهكذا يقول ربنا جل وعلا: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} .
فكما أحسنت إليك إحسانا لا تظير له فينبغى أن تشكرنى وأن تفردنى بالعبادة ينبغى أن تشكر أيضا من أحسن إليك بعد ذلك بتدبيرى وتقديرى ومشيئتى وهو الأبوان {أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير} فإذا تعارضت طاعة الله مع طاعة الأبوين.
{وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} رب العالين خالقهم مالكهم يتصف بكل كمال يتنزه عن كل نقصان ينبغى أن يفرد بالعبادة فلا نلجأ إلى غيره سبحانه وتعالى.
انتهى الأمر عند هذا الحد لاالقلوب لا زالت بحاجة إلى أمر رابع وهو أن هذا الرب جل وعلا الذى خلقنا وغنى عنا ومالكنا وأمرنا بعبادته وتسيير جميع شؤون حياتنا حسب شرعه سنأول إليه ليحاسبنا على أعمالنا {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} .