لابد من أن ترجع إلى سبب نزول هذه الآية وإلى ما لبسها لتعلم أن المراد سواد الليل بياض النهار وأولئك الصحابة رضوان الله عليهم الذين جرى منهم ما جرى حتما هم واهمون فى ذلك لكن هذا الذى فى وسعهم فى ذلك الوقت وعرضوا الأمر على النبى عليه الصلاة والسلام فصحح الأمر لهم وقصة ما ورد فى حديث سهل بن سعد من أن أناسا أرادوا أن يصوموا هذا هو سبب نزول قول الله من الفجر فنزل وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر وورد أنه بين نزول من الفجر وما قبلها عام كامل فالتبس عليهم الأمر لا لأن الأمر فيه التباس لا الأمر حتى من ناحية اللغة لا التباس فيه لأن المراد بالخيط الأسود سواد الليل وبالخيط الأبيض بياض النهار لكن هؤلاء حملو ها على شىء آخر فالبيان حصل بذاك لكن هؤلاء صار عندهم نحو ذلك البيان إشكال فمن الفجر هذه ليست لبيان ما كان مشكلا فى الحقيقة إنما لبيان ما أشكل على بعض الناس وإلا أكثر الصحابة فهموا أن المراد بذلك سواد الليل وبياض النهار ولذلك ليس فى ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة إنما فيه إزالة للبس والإشكال حصل عند بعض الناس وهذا هو المعنى المعتمد.
وأما ما زعمه الزمخشرى بأن هذا فيه تأخير للبيان عن الحاجة وعليه فالحديث لا يثبت وهو فى الصحيحين فهذه والله إحدى الكبر إنسان يقول عن حديث فى الصحيحين إنه لا يثبت قل إن فى تأخيره بيان عن وقت الحاجة أى تأخير عن وقت الحاجة هنا حصل البيان بقوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} والمراد سواد الليل وبياض النهار هذا معروف لكن هؤلاء إلتبس عليهم فكما أن الخيط الأبيض يطلق على الخيط المحسوس يطلق أيضا على سواد الليل خيط أسود وعلى بياض النهار خيط أبيض وهذا معروف فى اللغة.