والأمر الثالث: الذى يستنبط منه العقل جواز تفسير القرآن بالرأى ويحتم ذلك أن الحوادث تجد وتتجدد وهذه الحوادث لا بد من أن تخضع لكليات وقواعد عامة فى شريعة الله المحكمة والقرآن الكريم شامل لذلك فما حدث ويحدث لا بد من أخذ أحكامه من كلام ربنا جل وعلا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام ولا يمكن هذا إلا عن طريق تفسير القرآن بالرأى وكنت ذكرت لكم كلام شيخنا المبارك عليه رحمة الله فى تفسير آية النحل فى الجزء الثالث صفحة تسع وتسعين ومائة فى أضواء البيان فى إيضاح القرآن بالقرآن {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} .

قلت يقول الشيخ عليه رحمة الله أبهم ما سيخلقه الله لأنه ذكره باسم الموصول ما وهذا المبهم بقرينة ذكره مع المركوبات يفيد أنه يخلق ما لا تعلمون من المركوبات التى هى غير البغال والحمير التى نركبها {والخيل والبغال والحمير} هى غير الخيل وغير البغال وغير الحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون أى من المركوبات الأخرى كالطائرات والسيارات والغواصات الباخرات وما شاكل هذا ويخلق ما لا تعلمون وقلت هذا المبهم بقرينة ذكره مع المركوبات تدخل المركوبات التى ستجد وتوجد دخولا أوليا فى هذا اللفظ مع أن الله سيخلق أشياء أخرى أيضا على مر الأيام والليالى ما نعلمها وعندما توجد يعلمها الناس كما قال الله جل وعلا: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} .

فهذه الحوادث التى تجد وتتجدد وتحدث ولا يوجد لها نظير سابق لا بد من إلتماس حكم لها فى شريعة الله المطهرة فلا بد من إدخالها فى هذه العمومات وهذا لا يكون إلا عن طريق تفسير القرآن بالرأى بحيث يحتمل القرآن ذلك إذا لم يوجد فنلجأ إلى السنة لبيان حكم ما جد وهل فى السنة أشارة إلى ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015