ولا يشكلن عليك أخى المسلم أن الله جل وعلا خصص هداية القرآن بالمؤمنين المتقين، لا يشكلن عليك هذا على الإطلاق فهداية القرآن هداية عامة تامة كاملة جليلة شاملة، لكن لما لم ينتفع بها إلا المؤمنون المهتدون قصرت الهداية عليهم {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} ، وأما هو نور لكل من يريد أن يهتدى { ... قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا} وخصت هدايته هناك بالمتقين لأجل إنتفاعهم وتجسيد هذه الهداية {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لايؤمنون فى آذانهم وقر وهو عليهم عمى أوائك ينادون من مكان بعيد، وصدق الله إذ يقول {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً. وأما الذين لايؤمنون بالأخرة أعتدنا لهم عذاباً أليما} إذاً ترتب على الأمور الأربعة المتقدمة أنه حصل فى هذا القرآن الهدى والنور وإرشاد العباد لأقوم الأمور.
الأمر الثانى: الذى ترتب على الأمور الأربعة المتقدمة لهذا القرآن خير، ومن أقبل عليه حصل عزالدنيا وسعادة الأخرة، وحصل حياة هنيئة مطمئنة فى الدنيا، وما لهم فى الأخرة من نعيم أعظم وأعظم.
هذا كتاب فيه خير وبركة يقول الله جل وعلا فى سورة الأنعام: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون، وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون. وهذا كتاب أنزلناه مبارك......} .
وهكذا يقول الله جل وعلا فى سورة الأنبياء: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين. الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون. وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون} .