أولها: لما تقدم من الأمور الأربعة كان فى كتاب الله جل وعلا الهدى والنور وإرشاد العباد الى أقوم الأمور، كيف لا وهو منزل من عند العليم بكل شىء، تام الحكمة رحيم بعباده، هو ربهم جل وعلا يعلم ما يصلحهم ففى هذا القرآن الهدى والنور وإرشاد العباد لأقوم الأمور {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم} هو لعقولنا كالشمس لأعيننا، وإذا كانت الأعين لا ترى بنور حسى، ولا تهتدى بنور الشمس، فهكذا عقول البشرية لاتهتدى ولا تصل للرشد والصواب إلا بنور العزيز الوهاب، بهذا القرآن العظيم.
وكان هذا القرآن لحياتنا كالماء للسمك فكما أن السمك لا يحيى إلا فى الماء، فهذه البشرية لا تسعد فى هذه الحياة بدون كلام رب الأرض والسماء، يقول الله جل وعلا مخبراً عن هذا فى أول سورة البقرة: {الم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} ـــ وفيه نور وفيه إضاء، هدى للمتقين، ويقول الله جل وعلا فى سورة النساء: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا. فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما} .