فإذا كان هذا القرآن مستمداً من الله جل وعلا وهو كلامه وهو النافع لهذا المخلوق فالله يعلم ما يصلح هذا المخلوق {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم} ، ثم بعد ذلك لا غضاضة ولا حرج إذا أخذ المخلوق بشرع خالقه وبهدى ربه وتذلل لمولاه جل وعلا ففى ذلك عز له وسعادة، إنما المنقصة تكون فى حق البشر عندما يعبد بعضهم بعضا ويأله بعضهم بعضا، ولذلك أول ما نزل على نبينا عليه الصلاة والسلام صدر سورة العلق يشير الله جل وعلا الى هذا فى أول آية منها حيث يقول {إقرأ باسم ربك} فأنت ستتذلل وتستعين بالله وتتذلل لله، فلا حرج عليك والله سيعينك ويهديك الى الصراط المستقيم {إقرأ بإسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق. إقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم} فيقول ربنا فى سورة فصلت: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} .

وهذا القرآن من ربنا الرحمن سبحانه وتعالى، وأخبرنا الله جل وعلا أنه يستحيل صدور هذا من غير الله جل وعلا فقال فى سورة يونس: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين} .

وأخبرنا الله جل وعلا أننا إذا إختلفنا فى شىء فينبغى أن نرد هذا الأمر إليه لنعلم الهدى فيه فقال الله جل وعلا فى سورة الشورى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب. فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} هذه صفات المشرع وهذه صفات الحاكم، وهذه صفات ربنا جل وعلا الذى أنزل هذا القرآن، علم تام، حكمة تامة فى ذلك رحمة للعباد، هذا القرآن مستمد من خالقنا فهو كلامه سبحانه وتعالى، عباد الله: وقد ترتب على هذه الأمور الأربعة أربعة أمور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015