4- قولهم يجب على الله أن يعاقب العصاة ولا يجوز أن يغفر لهم في وقت من الأوقات لا عند الحساب ولا بعد دخولهم النار، أي لا يجوز أن يغفر لهم ولا أن يخرجهم من النار، هو قول باطل يصادم النصوص القطعية:
1- قال الله عز وجل في كتابه: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، (ما دون ذلك) أي ما دون الشرك من جميع الكبائر والموبقات (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فإذا عذب الله فاعل الكبيرة فهذا بِعَدْلِه سبحانه وتعالى، وإن غفر له فهذا بفضله، وأفعال الله سبحانه وتعالى بين عدل وفضل ولا ثالث لفعله فالظلم والجور منتفٍ عنه، بل هذا من أفعال العباد، والفعل المطلق للإنسان لا يخرج عن واحد من ثلاث إما أن يكون عدلاً أو فضلاً أو جوراً.
إذن لو عفا عنه فهذا فضله ورحمته سبقت غضبه، ولذلك ثبت في سنن الترمذي بسند حسن عن علي رضي الله عنه أنه قال: [ما في القرآن آية أحبَّ إليَّ من هذه الآية] ، وهي عنده أرجى آية في القرآن أيضاً، وثبت هذا عن حفيده علي بن الحسين زين العابدين حيث قال: [هذه أرجى آية في القرآن] ، ووجه كونها أرجى آية في القرآن إخوتي الكرام ... كما قلت العذاب عدل والمغفرة فضل وإذا دارت أفعال الله بين العدل والفضل فالمرجح في حقه الفضل؛ لأن رحمته سبقت غضبه، يضاف إلى هذا أن كل عاصٍ لم يقع في الشرك يطمع في أن يكون ممن شاء الله له المغفرة، وما أطمعنا الله إلا ليعطينا كما قال في حق أهل الأعراف (لم يدخلوها وهم يطمعون) ، وقد قال الله في الحديث القدسي [أنا عند ظن عبدي بي فليظن ما شاء] وظننا بربنا أن يغفر لنا وأن يتجاوز عنا ذنوبنا وأن يعاملنا بفضله وإحسانه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.