2- وقد ثبت في مسند الإمام أحمد والصحيحين وسنن الترمذي وابن ماجه عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة (10-40) من أصحابه: [بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفّى منكم فأجره على الله] . هذه هي الحالة الأولي، والحالة الثانية [ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له] لأن الحدود زواجر وجوابر، فهي تزجر الفاعل بالناس، وتطهّر الفاعل والأمة من سخط الله، فالحدود مطهّرة ولو لم يتب المحدود، فإذا سرق وقطعت يده غُفِرَ ذنبه تاب منه أم لم يتب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ماعز: [إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها] بعد أن أقام عليه الحد، والحديث في صحيح مسلم، أما الحالة الثالثة فبينها بقوله [ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك] إذن أنتم بين ثلاثة أحوال، وهو حديث صحيح صريح في بابه.
3- وثبت في مسند أبي يعلى والبزار وكتاب السنندة لابن أبي عاصم، والخرائطي في (مكارم الأخلاق) والبهيقي في (البعث والنشور) عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [من وعده الله على عمل ثواباً فهو منجزه له، ومن وعده على عمل عقاباً فهو بالخيار إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه] فالثواب ينجزه والعقاب قد ينجزه، وقد لا ينجزه (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) .
ومما يبين أن قول المعتزلة والخوارج بأنه يجب على الله أن يعاقب العصاة – باطل هذه المناظرة المحكمة السديدة، التي جرت بين إمامين أحدهما مهتدي ٍ والآخر ضال غوى: