وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/111) : "يدل الحديث على أن من فعل الكبيرة لا يخلد في النار" وهذه فائدة كالتي ذكرها الإمام النووي لكنه ذكر فائدة ثالثة: "ويدل على أن فاعل الكبيرة لا يُسلب عنه اسم الإيمان" أي فاعل الكبيرة مؤمن ولا يخرج عن الإيمان بفعلها المجرد فهو مؤمن بإيمانه فاسق بعصيانه.

3- أنتم تقولون من لقي الله بكبيرة فهو مخلد في نار جهنم ولن تنفعه أعماله الصالحة أي بطل ثوابها وحبطت، وهذا منكر عظيم لا يستقيم في عدل ورحمة أرحم الراحمين.

فكيف تضيع الحسنات أمثال الجبال بسيئة من السيئات، والله جل وعلا لم يجعل شيئا من الأعمال المنكرة محبطاً للأعمال الصالحة إلا شيئاً واحداً هو الشرك، وبشرط الموت عليه، فمن كان مؤمناً وعمل الصالحات ثم ارتد حبط عمله، فإذا آمن رجع إليه ثواب عمله الصالح، ولذلك لو حج ثم ارتد ثم آمن لم يجب عليه أن يعيد الحج مرة أخرى.

فلا يحبط العمل إلا بالكفر والموت عليه، الله قرر هذا في كتابه فقال جل وعلا في سورة البقرة آية (217) : (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) .

فإذن من لقي الله بمعصية من المعاصي لا نقول إنه صديق، وكذلك لا نقول إنه كافر عنيد بل نقول مؤمن عاص ٍ، إن غفر الله له فرحمته واسعة، وإن عذبه فبِعَدْلِه، ولن يخلده في نار جهنم إذ كيف سيسوي الله هذا مع الكافر الذي لم يسجد لله سجدة واحدة؟! إن التسوية بين المؤمنين والكافرين هذا مما لا يستقيم في عدل ورحمة أرحم الراحمين يقول الله تعالى: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) ، فإن قيل: فاعل الكبيرة ليس بمتقٍ؟، فنقول: التقوى قسمان: تقوى الشرك وتقوى المعاصي، فالمؤمن الذي ارتكب المعاصي هو متقٍ للشرك لكنه لم يتق المعاصي فتقواه ناقصة وليست معدومة بينما الكافر والمشرك ليس عنده نوع من أنواع التقوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015