من تلك الأحاديث ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال أبو ذر: وإن زنى، وإن سرق؟، فقال وإن زنى وإن سرق، فأعاد أبو ذر وإن زنى وإن سرق؟ فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الجواب وإن زنى وإن سرق فأعاد أبو ذر السؤال ثالثة] يستبعد هذا ويستغرب منه غاية الغرابة، يدخل الجنة وهو مقصر في حق الله معتدٍ على حقوق العباد، وذكر السرقة والزنا للإشارة إلى حق الله وحق عباده ويدخل في هذا سائر الحقوق، فتعديه على حق الله عندما يزني، وتعديه على حق العباد عندما يسرق منهم [فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة: وإن زنى وإن سرق، فأعاد أبو ذر السؤال رابعة، فقال: وإن زنى وإن سرق على رغم أنفك يا أبا ذر] فلا داعي لإعادة السؤال مرة خامسة، لأن التكرار ثلاث مرات، وفي الرابعة تستحق هذا الجواب حسماً للسؤال، [فكان أبو ذر رضي الله عنه إذا حدث بالحديث يقول من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق على رغم أنفي] يعني أنا ضاقت نفسي من هذا ولم أسترح إليه لكن على رغم أنفي سيدخل الجنة وهذا هو حكم الله وهذا هو تبليغ رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام النووي عليه رحمة الله في شرحه هذا الحديث في صحيح مسلم (1/217) : "أفاد حديث أبي ذر فائدتين:

الفائدة الأولي: أن عصاة الموحدين لا يقطع لهم بنار الجحيم.

الفائدة الثانية: لو عذبهم الله فمآلهم إلى الجنة".

وإنما لا يقطع لهم بنار الجحيم لأنه ورد في الحديث [من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ... وتقدم، وهذا الدخول قد يكون سابقاً وقد يكون لاحقاً، فإذا غفر الله له دخل مع السابقين، وإذا عذبه لحقهم بعد حين، فلابد من الدخول ولن يخلد في نار جهنم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015