وثبت في صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه صلوات الله وسلامه أنه قال: [أنا سيد ولد آدم يوم القيامة] وفي رواية أبي داود بحذف: [يوم القيامة] ولا تعارض بينهما، فهو سيد مطلقاً في الدنيا وفي الآخرة، لكن متى تظهر السيادة؟ هنا في الدنيا يوجد من ينازعه، وأما هناك فلا يوجد أحد يستطيع أن يدعي أنه سيد، هذا كما قال تعالى: (مالك يوم الدين) وهو مالك الدين والدنيا، لكن هنا يوجد من ينازعه ويقول: لا إله والحياة مادة، و (إنما أوتيته على علم عندي) ، و (هذه الأنهار تجري من تحتي) وأنا ربكم الأعلى فيوجد من يقول هذا، وأما هناك في الآخرة فلا يوجد من يقول هذا كل واحد يقول (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) .
إذن سواء حذفت يوم القيامة أو ذكرت لا إشكال، لأنه إذا ذكرت فالسيادة تظهر في ذلك اليوم لعدم المنازع.
ثم قال [وأنا أول من تنشق عنه الأرض] فأول من يبعث هو نبينا عليه الصلاة والسلام.
ثم قال [وأنا أول شافع وأول مشفَّع] وليس بين اللفظين [شافع ومشفع] تكرار، فالشافع هو الذي يطلب الشفاعة لغيره والمشفَّع هو الذي تقبل شفاعته، فنبينا عليه الصلاة والسلام سابق بالأمرين لا يشفع أحد قبله ولا يشفَّع أحد قبله، لأنه لو لم يُشفَّع قبل غيره، فقد يشفع بعض الأنبياء إذن بعد، لكن يجابون قبله فيكون غيره أول مشفّع، فإنه لا يلزم من ثبوت الشفاعة حصول التشفيع فقد يشفع ويؤخر سنة.
ولو قال صلى الله عليه وسلم: أنا أول شافع فقط (ربما توهم البعض أن نبينا عليه الصلاة والسلام يسبق في طلب الشفاعة لكن تؤخر إجابة نبينا عليه الصلاة والسلام، فدفعاً لهذا التوهم قال: كل من الأمرين سيحصلان لي على سبيل الأولية فأنا أول من يشفع وأول من يجاب في قبول الشفاعة، عليه الصلاة والسلام) .