ذكر الإمام أحمد ابن مصعب فقال قد كتبت عنه وأي رجل هو!، ثم قال الذهبي: فأما قضية قعود نبينا عليه الصلاة والسلام على العرش فلم يثبت في ذلك نص – كما قلتُ لكم ما ثبت مرفوعاً إلى نبينا عليه الصلاة والسلام – بل في الباب حديث واهٍ، وما فسَّرَ به مجاهد الآية كما ذكرنا فقد أنكره بعض أهل الكلام، فقام المرْوَزي وقعد وبالغ في الانتصار لذلك وجمع فيه كتاباً، وطرقُ قول مجاهد من رواية ليث بن أبي سليم، وعطاء بن السائب، وأبي يحيى القتات وجابر بن زيد، فمن أفتى في ذلك العصر بأن هذا الأثر يسلّم ولا يُعارض: أبو داود السجستاني صاحب السنن، وكان يقول: من رده فاتهمه – أي أنه من أهل البدع - , إبراهيمُ الحربي (وقع في طبعة المطبعة السلفية بالمدينة لهذا الكتاب الجربي – وهو خطأ) وخلقٌ بحيث أن ابن الإمام أحمد قال عقيب قول مجاهد: أنا منكر على كل ما رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوءٌ متهم، سمعته عن جماعة وما رأيت محدثاً ينكره، وعندنا إنما تنكره الجهمية" ثم بدأ يسوق الأسانيد عن مجاهد في قوله السابق الذكر.
وهذه الشفاعة العظمى الثابتة لنبينا عليه الصلاة والسلام، وردت بها أحاديث كثيرة – كما قلت إنها متواترة – وذكرت حديث الشفاعة الطويل، ومن تلك الأحاديث المتواترة:
ما ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فإيما رجل أدركته الصلاة فليصل، وأعطيت الشفاعة، وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة] .
وقد امتازت رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام بأمرين:
أولهما: الختام فهي خاتمة الرسالات.
ثانيهما: العموم عامة لكل الناس وللجن أيضاً.
والمقصود بالشفاعة الواردة في الحديث الشفاعة العظمى فهو الذي يشفع في أهل الموقف بعد أن يعتذر باقي الأنبياء عنها.