خطبة المسجد الحرام - 10 صفر 1432 - الرقية الشرعية أحكام وآداب - الشيخ عبد الرحمن السديس
الخطبة الأولى
الحمدُ لله وليِّ النِّعَم الهَامِيَة ومُعقِّباتها، ومانِحِ القلوب أسباب العافية بصدق نيَّاتها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُبرِئُ الأبدانَ من اعتلالاتها، وتُوفِّيها من السلامة اعتدالاتِها، وأشهد أن نبيَّنا وحبيبَنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيُّه وخليلُه، خيرُ من طبَّ الأدواءَ بأزكَى علاجاتِها، وبلَّغ الأمة من السعادة غاياتها، صلَّى الله عليه وعلى آله البالغين من مقامات التُّقَى في الرُّقَى نهاياتها، وأصحابِه الكرام فُرسان الهداية ودُعاتها، والتابعين المُقتفين آثارهم في عوائد الأمور وبداياتها، ومن تبعهم بإحسانٍ وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله - يا عباد الله -، واستمسِكوا من التقوى بالعُروة الوُثقى؛ فما أزكَى مغبَّاتها، وأهنَى ثمراتها، واعتبِروا صحة الأبدان قبل العِلَل وآفاتها، وابتدِروا القُرُبات والصالحات قبل فواتها، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة: 197].
فيا أيها الإنسان بادِر إلى التُّقَى وسارِع إلى الخيراتِ ما دُمتَ مُمهَلُ
فما أحسنَ التقوى وأهدَى سبيلَها بها يرفعُ الإنسانُ ما كان يعملُ
أيها المؤمنون:
دبَّجَت أمتُنا الإسلامية عبر حضارتها الإنسانية السامِقة المثلَ المُبهِر الجليل في ميادين الاستشفاء الأصيل المُعتمِد على نور الكتاب والسنة القاضِيَيْن بإخراج الناس روحًا وذاتًا من دَرَك الأدواء والدُجُنَّة، ولكن في هذا العصر الزخَّار بشتَّى التحدِّيات، المُضطرِب بمَشُوب المقاصد والنيَّات، أسفَرَ عن قضية علاجيَّة عقديَّة، ومسألةٍ مهمَّةٍ سنيَّة؛ تلكُم - أيها الأحبة الأكارم -: دوائية الرُّقْية الشرعية، والأدعية النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحيَّة.
وتكمُن أهميتها القُصوى في كون جوهرها علاج الأبدان والنفوس التي ليس لها دون التفريط فيها عِوَضٌ أو بدل، وتحصيل حِفظها وسلامتها غايةُ المُنى والأمل، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «من باتَ آمنًا في سِرْبه، مُعافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومه؛ فكأنما حِيْزَت له الدنيا بحذافِيرها»؛ أخرجه الترمذي وحسَّنه.
معاشر المسلمين:
وفي هذا الزمان عمَّت أمراضٌ مُتفاقِمة، جمًّا من الأقطار وفيها توغَّلَت، وأمَّتْها العِللُ وتغلغلَت؛ من صَرَعٍ ومسٍّ وسحرٍ وعينٍ، ونفسٍ وحسدٍ مُفضٍ إلى حَيْن، وقد أشرَقَت الآيات القرآنية بأعظم برهان، والنصوص الحديثية بأروع بيان، والشاهد من الواقع والعَيَان أنهما البلسَمُ والشفاء لكل داءٍ عَيَاء، يقول - سبحانه -: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت: 44]، ويقول - صلى الله عليه وسلم - في معرِضِ تقرير الرُّقَى والحثِّ عليها -: «اعرِضُوا عليَّ رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقَى ما لم تكن شركًا»؛ أخرجه الإمام مسلم.
وكم من مريضٍ أشرفَ على الهَلَكات والممات، ولم تُجدِ في عِلَّته فخامةُ المِصحَّات، ولا البراعةُ من النِّقاسيِّين والأطباء، واستطبَّ بالرُّقية الشرعية، فحقَّق الله له البُرءَ والشفاء، وذلك مصداقُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بالشِّفاءَيْن: القرآن والعسل»؛ أخرجه ابن ماجه، والحاكم، والبيهقي بسندٍ صحيحٍ.
قال الإمام السيوطي - رحمه الله -: "جمع - صلى الله عليه وسلم - بين الطبِّ الإلهي والطبِّ البشري".
ويقول العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية إذا أحسن العليلُ التداوي به، وكيف تُقاوِمُ الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجيال لصدَّعَها، أو على الأرض لقطَّعَها".
الله أكبر! يا له من قولٍ كالإبريز، من نحريرٍ أربَى على التَّبْريز.
إخوة الإيمان:
وفي إغفال كثيرٍ من شرائح المُجتمع آثارَ الرُّقيَة الشرعية، والجوانب الإيمانية والعَقَدية لدى المرضى انجَفَل كثيرٌ منهم إذا بطَّأَ بهم الشفاء، وفدَّحَتهم الآلام والأدواء، وقرَّحَهم السِّقامُ والرَّهَق، وغدَوا من العجز والضراعة في وَهَق - عافاهم الله -، انجَفَلوا بقصدٍ أو بغيره إلى أحلاسِ الشعوذة والدَّجَل والطلاسِم والخُرافات والسحر والخُزعبلات والمخالفات، وتلقَّفَهم من في سِلكِهم من أدعياء الرُّقيَة الشرعية.
وهنا - يا عباد الله - مقامُ عَجْم الحروف، ولا بُدَّ من كشف أحوال الرُّقاة الزُّيُوف، ومنعِ من يتطرَّق إلى مجال الرُّقيَة وهو عارٍ عن ردائها، وكفِّ من يتقحَّمُ علاجَ النفوس وهو عُضْلٌ عن معرفة أدوائها، فضلاً عن دائِها.
وأن تُصانَ أوصابُ العباد عن غير راقِيها الصادق البصير، وتُحمَى حوزةُ الاسترقاء عن الجَهَلة وأهل التكدير، كيف وإنك راءٍ خلف الأَكَمَات عجبًا؛ فهذا راقٍ يُسفسِطُ بكتابةٍ غامضةٍ ويُتمتِمُ، وآخرُ يُهرطِقُ بمُبهَم الكلام ويُدمدِم، وآخرُ يقطعُ بأن الداء عين، والعائِنُ من ذوي القُرْبى، وما درَى أنه أتى الحُمقَ وقطع الأرحامَ وأردَى.
أما الرُّقَى المجهولة المعاني؛ فذاك وسواسٌ من الشيطان، فحذرًا ثم حذارِ منه، لا تعرِفِ الحقَّ وتنأَى عنه.
وآخرُ لا ينفكُّ عن ضربٍ مُبرِّحٍ يهدِمُ الجلامِيد، فكيف بالجسم المُعنَّى العميد، ويزعُمُ - في بُهتان - أن العذابَ الأليمَ للمارِدِ لا للإنسان، والمريضُ الضارعُ يُدافِعُ سوادَ فعلةِ الرَّاقي بصمتٍ لاهبٍ كالحميم، وبعضُهم يتجلَّد بالأنين الجاذِع الكظيم.
وسواهم إن أعيَتْه الحِيَل لبَّبَ العليلَ من المخانِق؛ فِعلَ عدوٍّ حانِق، وآخرُ يصعقُ بالكهرباء حتى الإغماء أو الإفناء.
ربَّاه ربَّاه! أيُّ جهلٍ مُركَّبٍ أُوتوه، رُحماك ربَّنا رُحماك.
أيها المسلمون:
وجُلُّ هؤلاء الأدعياء يُموِّهون بإظهار سمتِ العُقلاء التُّقاة، وإن هم إلا من المُخادِعين الدُّهاة، المُحتالين لابتزازِ أموال الناس واستدرارِها على غير قياس، وقد يُزجُّ بوصَفَاتٍ تُروِّجُ للوَهم وتجارة الدَّجَل باسم المشاهير لخِداع الجماهير، واستغلال ربَّات الخُدُور بما يجُرُّ إلى البلايا والشرور، وإنك لواجِدٌ في عالم المرأة مع هؤلاء الدجاجِلة ما يُذهِلُ الألباب، ويُثيرُ العَجَبَ العُجاب، كيف والمُدنَفُ العليل تمنَّى زوَال السَّقَم ولو فدَّاه بالنُّضار وما ملَكَت يداه.
وعلى إثر تلك التجاوزات الشرعية، والمخالفات الزَّرِيَّة لزِمَ ألا يتعرَّضَ لهذا العلم الشرعي إلا ذو ديانةٍ مشهورةٍ، وأمانةٍ منشورة، وسيرةٍ مُثْلَى مشكورة، بصدقٍ في العلاج شاف، وحِذْقٍ كاف، وورعٍ عما في أيدي الناس صاف، وتنزُّهٍ عن الغِلْظة والعُجب والتجاف، وأن يكون الرَّاقِي رحيمًا رقيقًا بالمرضى رفيقًا، غاضًّا أطرافه دون موضع الداء خصوصًا لدى النساء، مع الحَذَر من دواعي الاختلاء المُحرَّم، وما يدعو إلى الفتنة والالتزام بالضوابط الشرعية في هذا المجال.
ومن كان هذا لازمَ وصفه حقيقٌ أن يُوفَّق ويُسدَّد، وترمُقَه الأبصارُ بالتقدير والوَقار، وقد عدَّ أهل العلم شروطًا ثلاثة للرُّقية الصحيحة:
أولها: أن تكون بأسماء الله وصفاته وآياته القولية.
الثاني: أن تكون بلغةٍ عربية واضحةٍ المباني مفهومةِ المعاني.
الثالث: أن يُعتقَد أن الرُّقيَة لا تُؤثِّر بذاتها؛ بل بتقدير الله تعالى.
أيها الإخوة الأحبة المُسترقُون:
أيها المُتلهِّفون للعافية والإبلال - منَّ الله عليكم بالبُرْء من الاعتلال -: عليكم بالرُّقاة الصادقين الأخيار، وهم وَفرٌ - بحمد الله -، المُتمسِّكين بالمنهج الصحيح في العلاج، والأملُ أن تحظَوا بالفَرَج والانبِلاج، والأكملُ أن يرقِيَ المريضُ نفسَه؛ لأنه أدعى لمقام الذلِّ والافتقار.
شكى عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعًا في جسده، فأرشده - عليه الصلاة والسلام - قائلاً: «ضع يدَكَ على الذي تألَّم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل سبع مراتٍ: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجِد وأُحاذِر»؛ أخرجه الإمام مسلم.
إن الرُّقَى من حَمًى أو عيْن فإن تكن من خالص الوحيَيْن
فذاك من هدي النبي وشِرعَته وذاك لا اختلافَ في سنيَّتِه
ناهِيكم عن تحصين البيوت والأولاد بالأوراد الشرعية، والأذكار الصباحية والمسائية؛ فهي الحِصن الواقي - بإذن الله -، مع التوكُّل الجازِم على المولى البصير السميع، وتفويض الأمر لتدبيره المُحكَم البديع، وليس معنى ذلك: ترك الأسباب وحُسن التدبير؛ كلا، وإنما حقيقته: عدمُ الاعتداد بمُكْنة الرَّاقي وكفايته، والاعتمادُ في حصول السبب على توفيق الله وعنايته، أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36].
فاليقينُ في الله أجلُّ العزائمِ قدرًا، وأجلاها في حُلَك الحيرة بدرًا.
وثِقتُ بربي وفوَّضتُ أمري إليه وحسبي به من مُعيني
فلا تبتئس لصروف الزمان ودعْني فإن يقيني يقيني
مع اتخاذ السبب الدوائي من الطبِّ الحديث، سواءٌ أكان المرضُ عضويًّا أم نفسيًّا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تَدَاوَوا - عباد الله - ولا تَداوَوا بحرام»؛ أخرجه أبو داود، والبيهقي بإسنادٍ صحيح.
وبعدُ، أمة الإسلام:
فإن الرُّقية الشرعية تطبيقًا وعلاجًا تستوجِبُ استِنفار الهِمَم، وتبرِئَة الذِّمَم في سائر الأقطار للضبط والتأصيل، والبيان والتفصيل، تحت مِظلَّةٍ راسِخةٍ علمية، مكينةٍ رسمية، تنطلقُ بهذا العلم الدوائي إلى معارِج النور والانتفاع، والتألُّق والإبداع، حفظًا للأفراد والمجتمعات، وغيرةً لجانب العقيدة العتيدة، وحِيَاض الشريعة البديعة الفريدة.
ذلكم وإنا لنحمدُ الله - سبحانه - على ما تنعَمُ به هذه البلادُ المباركة من عنايةٍ بتحقيق الرُّقية الشرعية، وفق الضوابط المرعيَّة والآداب السنيَّة في تعقُّبٍ يقِظ لأهل الشَّعْوَذة والدَّجَل، ومن في مسلكهم من أهل الزَّيْغ والضلال والدَّخَل، تصحيحًا للمسار، وكشفًا للدُّخَلاء.
وإن الغَيُور ليُبارِك هذه التوجُّهات الميمونة الحديثة حِيال تنظيم أمر الرُّقَى ومتابعة الرُّقاة، في الوقت الذي كثُر فيه الأدعياء والمُتخرِّصون والمُتاجِرون الذين وصل بهم الحال إلى استِنفار وسائل الاتصال الحديثة، والقنوات الفضائية لنشر الأضاليل الأباطيل.
وإنه لا بُدَّ لصدِّ هذا الطوفان الجارِف من تأهيل كل مُتصدٍّ لهذا المجال وحُصوله على ما يُؤهِّلُه لذلك؛ من شهاداتٍ شرعية، وتزكيَاتٍ علمية من جهات الاختصاص.
والله المسؤول أن يُبارِك في صادق الجهود، وتحقيق كل أملٍ منشود، إنه جوادٌ كريم.
أعوذ بالله من الشيطان: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء: 82].
بارك الله ولكم في آيِ الكتاب، وبسنَّة النبي المُصطفى الأوَّاب، أقولُ قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل خطيئةٍ وإثم، فاستغفوره وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أسبغ على عباده النِّعَم الدُّرَر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلمُ خفيَّات القلوب من أسرَّ ومن جهَر، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله الشافعُ المُشفَّع في المحشَر، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله النُّجُب الغُرَر، وأصحابه النُّبَلاء الخِيَر، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله -، اتقوه كما أمر، وصُونوا عقيدتكم عن كل ثَلْمٍ وكَدَر، واعلموا أن أحسن الحديث كتابُ الله، وخير الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور مُحدثاتها.
إخوة العقيدة:
ومما ينطوِي عليه حِفظُ جَنابِ التوحيد: التنويهُ بآثار اليقين المتين الذي لا تشرَفُه أوهامُ التطيُّر والعرَّافين، والكَهَنة والدجَّالين، ومن سلَّط على نفسه المُعتقَدات الباطلة، وتشاءمَ من الشهور والأيام، والطيور وأضغاث الأحلام، وتعلَّق بالنجوم والمطالع والأبراج، بزعمِ دفعِ المكروه والانفِراج؛ فقد عَبَثَت به الشياطين، ويُخشَى على دينه من رنَقٍ كمين، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس: 107].
فجلَّ الله وتقدَّسَ في عُلاه، لا رادَّ لما قضاه، ولا مُؤثِّر في الكائنات سِواه.
وكيف تتهاوى العقول إلى هذا الحضيض من اللامعقول في عصرِ الارتقاءِ العلمي، وتفتُّكِ العقل البشري، والتفجُّر المعلوماتي؟!
سُبحانك ربَّنا!
كم ذا التمادي فهذا قد جاءنا خبرُ ذكرٌ به الفوزُ والتوفيقُ والظَّفَرُ
فابدأ بما شئتَ من فعلٍ تُسرُّ به يومَ القيامِ ففيه الخيرُ يُنتظَرُ
وبعدُ، أمة القرآن:
فإن الأدواء المعنوية العالمية لا تقلُّ أهميةً عن الفردية والمُجتمعية، فيا أمة الاستشفاء بالقرآن: أنتم أطباء المُعضِلات والأسقام، أنتم بقرآنكم الحَكَمُ المَرْضِيُّ لكل اعتلالٍ مَرَضيّ، تحمِلون للعالَم المُثخَن بالجِراح والأتراح الدواء الشافي، وتُضمِّدون عِلَل الاحتراب بالترياق الكافي، فيغدو العالمُ رافِلاً في ثياب السِّلْمِ والأمن والعافية، ومقارِف السلام والتراحُم الضافية.
ألا فحيَّهلاً أمةَ القرآن حَيَّهلاً، والله مُؤيِّدُكم ونصيرُكم، ومُعينُكم وظهيرُكم، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس: 57].
ألا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على سيد البشر المُرسَل بخير البِشَر، كما أمركم المولى - عز وجل - في مُحكَم الآي والسُّوَر، فقال تعالى - قولاً كريمًا -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا»؛ أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
فيا أحباب رسول الله:
صلُّوا وسلِّموا على خير مبعوثٍ إلى الناس رحمةً بأفضل دينٍ خاتمِ الرُّسْل أحمدا
كذا الآلِ والأصحابِ ما لاحَ بارِقٌ وما صدَعَ قُمْريُّ ليلاً وغرَّدَا
اللهم صلِّ وسلِّم على سيد الأولين والآخرين، ورحمة الله للعالمين: نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لما تحب وترضى، وخُذ بناصيته للبر والتقوى، وهيِّئ له البطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم وكما أسبغتَ عليه ثياب الصحة الضافية، وحُلَل السلامة والعافية، اللهم فأدِم عليه من حُلَل العافية أضفاها، ومن ثياب الصحة أوفَاها.
اللهم إنا نلهجُ إليك بأوفر المحامد وأسناها، وبذُرَى الشكر وأرقاها على ما مننتَ به على عبدك خادم الحرمين الشريفين من مطارف الصحة والسلامة والإبلال يا ذا المِنَّة والجلال، ونضرعُ إليك يا الله أن تُعيدَه إلى وطنه وذويه وشعبِه ومُحبِّيه مُكلَّلاً بتمام العافية، وحُلل السلامة الضافية.
اللهم وفِّق نائبه إلى ما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّق النائب الثاني لكل خير، اللهم وفِّق جميعَ ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً على عبادك المؤمنين.
اللهم ادفع عنَّا الغلا والوَبا والرِّبا والزِّنا والزلازِل والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بَطَن عن بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضيك آمالنا، واختِم بالصالحات أعمالَنا، وبالسعادة آجالَنا، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين.
اللهم أصلِح أحوال أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كل مكانٍ يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّوْل والإنعام.
اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم شتِّت شملَهم، وفرِّق جمعهم، واجعلهم غنيمةً للمسلمين وعبرةً للمُعتبِرين يا قوي يا عزيز، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنقِذ مُقدَّسات المسلمين، اللهم أنقِذ مُقدَّسات المسلمين، اللهم أنقِذ مُقدَّسات المسلمين من المُحتلِّين المُعتدين يا رب العالمين، يا رب العالمين.
يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأننا كلَّه.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مِدرارًا.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم لك الحمدُ والشكرُ على ما أنزلتَ من غيث، اللهم فعُمَّ به أرجاء البلاد وانفَع به العِباد، واجعله بلاغًا للحاضر والباد، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وفِّق أبناءَنا وبناتنا، اللهم وارزقهم التوفيق والنجاح في أمورهم كلها، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.