خطبة المسجد الحرام - 4 محرم 1432 - الاعتبار بانقضاء الأعمار - الشيخ عبد الرحمن السديس
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، أحمده - سبحانه - تفرَّد بالمجد والثناء إجلالاً وإعظامًا، وأشكره تعالى حَبَانا نِعمًا مباركةً فِعامًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل لنا من تصرُّم الزمان عِبَرًا عِظامًا، فذا عامٌ تلا عامًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله خيرُ من حاسَبَ نفسَه - بأبي هو وأمي - قدوةً وإمامًا، صلَّى الله وبارَك عليه وعلى آله المتألِّقين بدورًا وأعلامًا، وصحبه البالغين من الهمة الشمَّاء مجدًا ترامى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تعاقَبَ المَلَوَان ودامًا.
أما بعد، فيا عباد الله:
اتقوا الله الواحد القهار، واحذروا الغَفَلات والاغترار، واعتبِروا بتقضِّي الدهور والأعمار، واتخذوا تقواه - سبحانه - ألحَبَ سبيل لكم ومنار، تفوزوا - يا بشراكم - بالنعيم المُقيم وأزكى القرار.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
عليك بتقوى الله في كل أمرٍ تجِد غِبَّها يوم الحساب المُطوَّلِ
ولا خيرَ في طول الحياةِ وعيشِها إذا أنت منها بالتُّقَى لم ترحَلِ
أيها المسلمون:
في ارتحال الزمان، وتعاقُب الشهور والأعوام بالتقضِّي والانصرام عِبَرٌ وعِظات، لمن رامَ استدراكَ الهَفَوَات، ومحاسبة الذَّوَات قبل الفَوَات، بالتقويم والمراجعات.
فالأمم الناهضة الباقية، المُستبصِرة الراقية هي التي تستنبئُ دقائقَ الأحداث الغابرة، وتفاصيل الوقائع العابرة، والغِيَر الدابرة، فتفترِضها معاقل ادِّكار، ومجاليَ استئنافٍ للطموح واعتبار، وذلك هدي القرآن الكريم في أعظم مسالك الإبصار، يقول العزيز الغفار: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر: 2].
أحبتنا الأكارم، معاشر الأخيار:
وفي هذه الأيام السوالِف ودَّعَت أمتنا الإسلامية عامًا قد مضى وتولَّى، واستقبَلَت آخر وافانا وتدلَّى، عامٌ انقلَبَ بما لَنا وما علينا في مطاويه، وآخرُ استهلَّ شاهدًا على مُضِيِّ الدهر في تعادِيه، فنسألُك اللهم أن تُبارِك للأمة في ما قدَّرتَ فيه.
مرَّتْ سنونٌ بالوِصَالِ وبِالهَنافكأنَّها من قِصَرِها أيامُ
ثمَّ انقَضَتْ تلكَ السنُونُ وأهلُها فكأنَّها وكأنَّهم أحلامُ
ومن لم يتَّعِظ بزوال الأيام، ولم يعتَبِر بتصرُّم الأعوام فما تفكَّر في مصيره ولا أناب، ولا اتَّصَف بمكارم الخُلَّص أولي الألباب، يقول الرحيم التواب: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران: 190]، وتغافَلَ عن حقيقةٍ قاطعةٍ ساطعة هي كونُ الآخرة أبدًا، والدنيا أمدًا، أعمالُنا فيها مشهودة، وأعمارنا معدودة، وأنفاسُنا محدودة، وأقوالُنا مرصودة، والوَدَائع - لا محالةَ - مردودة، والمقام - يا عباد الله - لتبصير النفوس وإرشادها، وتصحيح عِثَار المسيرة وتذليل كئادِها، وتوجيه الأمة المباركة شطرَ العلاء الوَثَّاب، والحَزْمِ الهادِفِ الغَلاَّب.
فما أحوجَ أمتنا في هذه السانحة البينية أن تنعطِفَ حيالَ أنوار البصيرة فتستدرِكَ فَرَطَاتها، وتنعتِقَ من وَرَطَاتها، وتُفْعِمَ روحها بمعاني التفاؤل السَّنِيَّة، والرجاءات الربانيَّة، والآمال الإيجابية، والعزائم الفولاذية، وصوارِم الهِمَم الفَتِيَّة؛ كي تفِيءَ إلى مراسي الاهتداء والقِمَم، وبدائع الخِلاَلِ والقِيَم، على ضوء المَوْرِد المَعِين، والنَّبْع الإلهي المبين: هديِ الوحيَيْن الشريفَيْن، إبَّانها ستَتَعَافَى أمتُنا من التفرُّق والشَّتَات، والدُّون والانبِتات، وستنبو في قضاياها الحاسِمة عن مدارِكِ الفَشَلِ الذَّرِيع، وتَبِعَات التلكُّؤ الفظِيع.
وإنها لسانِحةٌ غرَّاء للمُناشَدة الحرَّاء التي لا يُمَلُّ تَكرارها، ولا يُسأمُ تَردَادُها للعمل الجادِّ الدَّؤُوب لحلِّ قضايا أمتنا، وانقاذ مُقدَّساتها، وتحرير المسجد الأقصى المبارك من أغلال المعتدين، وبراثِنِ المُحتلِّين بعد أن بَلَغَ السَّيْلُ زُبَاه، والصَّلَفُ الأَرْعَنُ مَدَاه، وإنه لأَوْلَى ما تهتَزُّ له الهِمَم، وتنبَعِثُ له أفئدةُ الإباء والشَّمَم.
ولو عمِلَت بدين الله حقًّالغَيَّر ما بها أملاً ويُسرًا
بوعدِ الله أمَّتُنا ستحْيَا وتَلْقَى منه تأييدًا وأَزْرًا
إخوة الإيمان:
ومن الفوادِح الحازِمة التي تُكتِّم من الغَيُور أنفاسَه، وتُكبِّلُ حواسَّه: أن تَتَنَاهَشَ فئامًا من الأمة وأجيالها بوارُ الحيرة والتقاعُس، وتفترسَ كثيرًا منهم فتنُ الشهوات التي طوَّحَت بهم في كَدَر المباءَات - عياذًا بالله -.
وآخرين عَصَفَتْ بهم أضالِيلُ الشُّبُهات، فنَصَبوا أشرِعَتَهم صَوْبَ فِكر التكفير والتفجير، والتخريب والتدمير، وسوى ذلك من الطوامِّ التي يتبرَّأُ منها كلُّ مؤمنٍ بالله واليوم الآخر.
ألا رُحماك ربنا رُحماك، وحمدًا لك اللهم حمدًا أن كشفتَ عَوَارَهم وفَضَحْتَ أخبارهم.
ذلكم - يا رعاكم الله -؛ وأيُّ نوائب أخرى حين يُطوِّقُ الخمول والكسل والبطالة والإحباط أفئدةً غضَّةً بضَّةً من الأمة، وأيُّ مُحرِجةٍ تلك حين تَرزَحُ أجيالٌ من الأمة منها ذوات الخدور تحت أوطار التفلُّتِ الهَبَاء، والانهزامِيَّة الرَّعْناء، واهتزازِ الثِّقةِ البَلْجَاء.
إضافةً إلى قضايا الأمة الجُلَّى التي تقُضُّ المضاجِع وتفُضُّ المَدَامِع، وإلى الله وحدَهُ المُشتَكى والمُلتجَا، وبه وحدَهُ المستعانُ والمُرتَجَى.
إخوة الإسلام:
وإننا لنُرسِلُها هتَّافةً مُكرَّرة، مُدوِّيةً مُكبَّرة، في مَطلَعِ عامنا الهجري الميمون: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد: 11]، التغيير المُنعَكِس بصدقٍ وإخلاصٍ ورُسُوخ على صعيدِ الواقع والتربية والسلوك التغييرَ الذاتي الذي يبني المجتمعات، ويستشرِفُ طلائع الأجيال الفتيَّة الصاعدة، وسبيل ذلك ورافِدُه، وأولُهُ وبادِئُه: إلهابُ علوِّ الهمة في نفوس الأمة كي تعتلِيَ الذُّرَى والقِمَّة، وإذكاءُ جُذَا الأمل والتفاؤُل في أطوار الشباب كي يستنفِرَ قُدراته ومَلَكَاته، وكفاءَاته وانتماءَاته؛ ليعيشَ حلاوة الإيمان، وبَرْدَ اليقين، وبهجة الطموح بقلبه وعقله ومشاعره، فالهمةُ القَعْسَاء، والآمالُ الشمَّاء ضياءٌ ساطعٌ في دامسِ الخُطُوب، وحكيمٌ حاذِقٌ في يهمَاء الكروب.
إنها الأمل المُشرِف المُزهِر الذي يحمِلُ النفسَ على وُلُوج المَكَارِهِ والمَصَاعِب، وخَوضِ غِمارِ المتاعب لبُلُوغ مراقي العِزَّة والفلاح، ومدرات الفوز والصلاح، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يحب معالِيَ الأمور وأشرافَها، ويكرهُ سفْسَافَها»؛ أخرجه الطبراني في "معجمه"، والبيهقي في "شعبه".
وإذا كانت النفوس كِبارًا تعِبَت في مُرادِها الأجسادُ
وقد أرشدنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - إلى عَلِيِّ المنازل، وسَنِيِّ المقاصد؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألتُم الله فاسألوه الفردوسَ؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن»؛ أخرجه الطبراني في "معجمه"، وابن أبي عاصمٍ في "كتاب السنة" بسندٍ صحيحٍ.
الله أكبر؛ ذلكم هو المنهج المحمدي الذي بنى طموحَ الأبطال، وزكَّى هِمَم الأجيال، وسقى فيهم حلاوة الحق بعد الوَصَب، ومعالِيَ الخلود إثرَ النصَب، وأذكى في أرواحهم مجامِر المجد ولوافِح الصمود.
إذا هَمَّ ألقى بين عينَيْه عَزْمَهونكَّبَ عن ذكر العَواقِبِ جانِبًا
أُثِر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله: "لا تصغُرنَّ هِمَمُكم؛ فإني لم أَأقعَدَ عن المكرُمات من صِغَر الهِمَّة".
يستنهِضُ الهِمَم العريضة للعُلاويحُثُّ منها نُخبةً أنجابًا
تُحيِي من الآمال أجملها وقد أحْيَت بجَذْوةِ فِكرِها الألبابَا
ولله درُّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في هِمَّته السابقة السامِقة التي عانَقَت الجَوْزَاء؛ حيث قال: "إن لي نفسًا توَّاقة لم تزَل تتوقُ إلى الإمارة، فلما نِلتُها تاقَت إلى الخِلافة، فلما نِلْتُها تاقَتْ إلى الجنة".
وقد ذكر أهل السير عن الإمام البخاري - رحمه الله - في هِمَّته العلياء أنه يستيقِظ من الليل زُهاء عشرين مرة لتدوين الحديث الشريف.
وقال أبو الوفاء ابن عقيل - رحمه الله -: "وإني لأجدُ من هِمَّتي وحِرْصِي على العلمِ وأنا في عشر الثمانين أشدَّ مما كنتُ أجدُ وأنا ابن عشرين سنة".
يا لله! يا لله! عباد الله:
أولئك الذين خلَّدَتْ هِمَمَهم وآمالَهم الدواوينُ المُسطَّرة، وسَرَتْ بأمجادهم الأنفاسُ المُعطَّرة، فلا بلوغ لمقامات العلاء إلا بمكابدة اللأْواء، واحتساء كؤوس العناء، واللُّجَيْن والدُّرّ لا يُنَالاَ إلا بالصَّابِ والمُرّ.
من أراد العُلا عفوًا بلا تعَبِ انقضَىولم يقضِ من إدراكها وَطَرَا
لا يُبلَغُ السُّؤْلُ إلا بعد مُؤلِمَةٍ ولا يتمُّ المُنَى إلا لمن صَبَرَا
وكيف يُظنُّ أن غَوَالِيَ الأماني تُدرَك بالهُوَيْنَ أو التَّوَاني؟! وهل النبوغ والحضارات وأفانِين الإبداع في العلوم والنهضات لُحْمَتُها إلا الهِمَمُ الوَضَّاءة، وسَدَاها إلا العزائمُ المضَّاءة.
فيا أمة الإسلام، يا أمة الهِمَم وأجيال القِمَم:
ليكن عامُكُم الجديد للتشاؤم والتضاؤُل ناسخًا، وللإحباط والتقاعُس فاسخًا، وادأَبوا - يا رعاكم الله - أن تكونوا بالتفاؤل والإيجابية بعد التوكُّل على الله - عز وجل - واستمداد العزم والتوفيق منه كالنور الساطع يُبدِّد الظلمات، ويستحِثُّ للمكرُمات العَزَمات، وكالغيث النافع يُحيِي من الأمل ما ذبُلَ وفات، تسعَدوا وتفوزوا، وللنصر والتمكين تحوزوا، وما ذلك على الله بعزيز.
اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ، وإذا سُئِلتَ به أعطيتَ؛ أن تجعل عامنا هذا عام خيرٍ وبركة ونصرٍ وتمكينٍ للإسلام والمسلمين، وهيِّئ فيه لأمة الإسلام من أمرها رشدًا، اللهم حرِّر فيه مُقدَّسات المسلمين، وأصلِح أحوالهم، ووحِّد صفوفهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا جواد يا كريم.
اللهم لا تَدَعْنا في غفلة، ولا تجعلنا في غَمْرة، ولا تأخذنا على غِرَّة، واجعل حاضِرَنا خيرًا من ماضينا، ومستقبَلَنا خيرًا من حاضِرِنا، واجعل لنا من مرور الأيام مُدَّكرًا، ومن تقضِّي الأعوام مُعتبرًا، إنك خيرُ المسؤولين، وأكرمُ المأمولين.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعنا وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من جميع الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، لم يزَل - سبحانه - للثناء مُستوجِبًا مُستحِقًّا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حقًّا حقًّا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله أزكى العالمين همَّةً وأرقى، صلَّى الله عليه وعلى آله الطاهرين أرومةً وعِرْقًا، وصحبه البالغين من التُّقَى أسمَى مَرْقى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا عباد الله:
اتقوا الله - تبارك وتعالى -، وخُذوا من أنفسكم بعلو المكرُمات والهمة في أقوالكم وأفعالكم وكل مهمة تبلغوا من دنياكم وأخراكم أسنَى قِمَّة.
إخوة الإسلام:
استِهلالُ العام الهجري الجديد يُذكِّرُنا - أيها الأحبة - بحدث الهجرة الميمون، وإنه لحَدَثٌ لو تعلمون عظيم، أسفَرَ عن التمكين المكين لهذا الدين المتين بعد المُراغَمَة مع جحافِلِ الزيغ والباطل التي اندَحَرَت فليلةَ العِرنين، فانْهَلوا أيها - المؤمنون المبارَكون - من هذا النمير الرَّقْراق دروسَ الإباء والهِمَم، وبطولات التحدِّي صوبَ القِمَم؛ ليُدرِك العالمُ أجمع عزمَ أمتنا الوقَّاد كيف يُترجَم في الواقع ويُصاغ، ورحيق الأمجاد في الأفواه كيف يُساغ.
ألا فابتدِروا - أيها المُوفَّقون - غُرَّةَ شهور العام بالقُرُبات والصيام، وإن ذلك لمن علُوِّ الهمة في مطلع العام، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم»؛ أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
واحتسِبُوا فيه يومًا عظيمَ الفضل والآلاء تغنَمُوا نُهَزَ البِرِّ والهَناء، ألا وهو: يوم عاشوراء، قال المُجتبى - صلى الله عليه وسلم -: «صيام يوم عاشوراء أحتسِبُ على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله»؛ خرَّجه مسلم من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -.
وهو في هذا العام يُوافِقُ يوم الخميس القادم - بإذن الله -، والسُّنَّة صيام يومٍ قبله أو يومٍ بعده، وكذا احرِصوا - يا رعاكم الله - على حضور صلاة الاستسقاء يوم الاثنين القادم - إن شاء الله -؛ إحياءً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستجابةً لدعوة نائب خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله -.
والله المسؤول أن يتقبَّل منا ومنكم صالح الأعمال، ويُحقِّق لنا فيما يُرضيه التطلُّعات والآمال.
هذا، وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على خير البرايا من الأمم، الهادي إلى الطريق الأَمَم، ما انتَحَى العلياءَ قاصدٌ وأَمّ، كما أمركم المولى الرحيم في كتابه الكريم، فقال - سبحانه -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
وصلِّ ربِّي على المختار من مُضَرٍما غرَّدَتْ فوق غُصنِ البانِ وَرْقاءُ
والآلِ والصحبِ والأتباع قاطبةً ما لاحَ برقٌ تلا ومضٌ وأصداءُ
اللهم صلِّ وسلِّم على سيد الأولين والآخرين، ورحمة الله للعالمين: نبينا وحبيبنا وسيدنا وقدوتنا: محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأعلِ بفضلك كلمة الحق والدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأدِم الأمن والاستقرار في ديارنا يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لما تحب وترضى، وخُذ بناصيته للبر والتقوى، وهيِّئ له البطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم أسبِغ عليه ثياب الصحة الضافية، وحُلَل السلامة والعافية، اللهم فأدِم عليه من حُلَل العافية أضفاها، ومن ثياب الصحة أوفَاها، لا بأس طهورٌ إن شاء الله، عُوفيتَ وسلِمتَ، ونعِمتَ وما ألِمتَ، وشُفِيتَ شفاءً لا يُغادِر سقمًا.
اللهم اجعل ما ألمَّ به طهورًا، وكن به وبنا لطيفًا غفورًا، اللهم وفِّق نائب خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفِّق النائب الثاني وإخوانهم وأعوانهم إلى ما فيه عِزُّ الإسلام وصلاح المسلمين، وإلى ما فيه الخيرُ للبلاد والعباد.
اللهم وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين لاتباع كتابك، وسنة رسولك - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعلهم رحمةً على عبادك المؤمنين.
اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم عليك بالصهايِنة المُعتدين المُحتلِّين، اللهم فرِّق جمعهم، وشتِّت شملَهم، واجعلهم عبرةً للمُعتبِرين.
اللهم احفظ المسجد الأقصى، اللهم احفظ المسجد الأقصى، اللهم احفظ المسجد الأقصى ومُقدَّسات المسلمين يا رب العالمين يا قوي يا عزيز.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك الذين يُجاهِدون لتكون كلمة الله هي العليا، اللهم انصرهم في كل مكان يا ذا الجلال والإكرام يا قوي يا عزيز.
اللهم وفِّق المسلمين والمسلمين والمؤمنين والمؤمنات، اللهم أصلِح ذات بينهم، اللهم اهدِهم سُبُل السلام، اللهم جنِّبهم الفواحِش والفتن ما ظهر منها وما بَطَن.
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضيك آمالنا يا ذا الجلال والإكرام.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سُقيا رحمة لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غَرَق، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مِدرارًا.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.