. ستواجهه معارضة الكبراء والطغاة وأصحاب السلطان الموروث. ذلك أنه سينزع عنهم رداء الألوهية الذي يدعونه ويرد الألوهية للّه خالصة، حين ينزع عنهم حق الحاكمية والتشريع والحكم بما يشرعونه هم للناس مما لم يأذن به اللّه .. وستواجهه معارضة أصحاب المصالح المادية القائمة على الاستغلال والظلم والسحت. ذلك أن شريعة اللّه العادلة لن تبقي على مصالحهم الظالمة .. وستواجهه معارضة ذوي الشهوات والأهواء والمتاع الفاجر والانحلال. ذلك أن دين اللّه سيأخذهم بالتطهر منها وسيأخذهم بالعقوبة عليها .. وستواجهه معارضة جهات شتى غير هذه وتيك وتلك ممن لا يرضون أن يسود الخير والعدل والصلاح في الأرض.
علم اللّه - سبحانه - أن الحكم بما أنزل ستواجهه هذه المقاومة من شتى الجبهات وأنه لا بد للمستحفظين عليه والشهداء أن يواجهوا هذه المقاومة وأن يصمدوا لها، وأن يحتملوا تكاليفها في النفس والمال .. فهو يناديهم: «فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ» ..
فلا تقف خشيتهم للناس دون تنفيذهم لشريعة اللّه. سواء من الناس أولئك الطغاة الذين يأبون الاستسلام لشريعة اللّه، ويرفضون الإقرار - من ثم - بتفرد اللّه - سبحانه - بالألوهية. أو أولئك المستغلون الذين تحول شريعة اللّه بينهم وبين الاستغلال وقد مردوا عليه. أو تلك الجموع المضللة أو المنحرفة أو المنحلة التي تستثقل أحكام شريعة اللّه وتشغب عليها .. لا تقف خشيتهم لهؤلاء جميعا ولغيرهم من الناس دون المضي في تحكيم شريعة اللّه في الحياة. فاللّه - وحده - هو الذي يستحق أن يخشوه. والخشية لا تكون إلا للّه ..
كذلك علم اللّه - سبحانه - أن بعض المستحفظين على كتاب اللّه المستشهدين قد تراودهم أطماع الحياة الدنيا وهم يجدون أصحاب السلطان، وأصحاب المال، وأصحاب الشهوات، لا يريدون حكم اللّه فيملقون شهوات هؤلاء جميعا، طمعا في عرض الحياة الدنيا - كما يقع من رجال الدين المحترفين في كل زمان وفي كل قبيل وكما كان ذلك واقعا في علماء بني إسرائيل.
فناداهم اللّه: «وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا» ..