كما أن للنص - في صورته هذه - مفهوما آخر متعينا كهذا المفهوم - هو أن السلطان الذي يحق له - بأمر اللّه - أن يأخذ الخارجين عليه بهذه العقوبات المقررة لهذه الجريمة، هو السلطان الذي يقوم على شريعة اللّه ورسوله، في دار الإسلام المحكومة بشريعة اللّه ورسوله .. وليس أي سلطان آخر لا تتوافر له هذه الصفة، في أية دار أخرى لا يتوافر لها هذا الوصف ..
نقرر هذا بوضوح، لأن بعض أذناب السلطة في كل زمان، كانوا يفتون لحكام لا يستمدون سلطانهم من شريعة اللّه ولا يقومون على تنفيذ هذه الشريعة، ولا يحققون وجود دار إسلام في بلادهم، ولو زعموا أنهم مسلمون .. كانوا يفتون لهم بأن يأخذوا الخارجين عليهم بهذه العقوبات - باسم شريعة اللّه - بينما كان هؤلاء الخارجون لا يحاربون اللّه ورسوله بل يحاربون سلطة خارجة على اللّه ورسوله ..
إنه ليس لسلطة لا تقوم على شريعة اللّه في دار الإسلام، أن تأخذ الخارجين عليها باسم شريعة اللّه .. وما لمثل هذه السلطة وشريعة اللّه؟ إنها تغتصب حق الألوهية وتدعيه فما لها تتحكك بقانون اللّه وتدعيه؟! .. إنما جزاء أفراد هذه العصابات المسلحة، التي تخرج على سلطان الإمام المسلم المقيم لشريعة اللّه وتروع عباد اللّه في دار الإسلام، وتعتدي على أموالهم وأرواحهم وحرماتهم .. أن يقتلوا تقتيلا عاديا. أو أن يصلبوا حتى يموتوا (وبعض الفقهاء يفسر النص بأنه الصلب بعد القتل للترويع والإرهاب) أو أن تقطع أيديهم اليمنى مع أرجلهم اليسرى .. من خلاف ..
ويختلف الفقهاء اختلافا واسعا حول هذا النص: إن كان للإمام الخيار في هذه العقوبات، أم أن هناك عقوبة معينة لكل جريمة تقع من الخارجين.
«ويرى الفقهاء في مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد أن العقوبات مرتبة على حسب الجناية التي وقعت.
فمن قتل ولم يأخذ مالا قتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قطع، ومن قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن أخاف السبيل ولكنه لم يقتل ولم يأخذ مالا نفي: