قال تعالى: «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً، أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ .. ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ..
وحدود هذه الجريمة التي ورد فيها هذا النص، هي الخروج على الإمام المسلم الذي يحكم بشريعة اللّه، والتجمع في شكل عصابة، خارجة على سلطان هذا الإمام، تروع أهل دار الإسلام وتعتدي على أرواحهم وأموالهم وحرماتهم. ويشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك خارج المصر بعيدا عن مدى سلطان الإمام. ويرى بعضهم أن مجرد تجمع مثل هذه العصابة، وأخذها في الاعتداء على أهل دار الإسلام بالقوة، يجعل النص منطبقا عليها. سواء خارج المصر أو داخله. وهذا هو الأقرب للواقع العملي ومجابهته بما يستحقه. وهؤلاء الخارجون على حاكم يحكم بشريعة اللّه المعتدون على أهل دار الإسلام المقيمين للشريعة (سواء كانوا مسلمين أو ذميين أو مستأمنين بعهد) لا يحاربون الحاكم وحده، ولا يحاربون الناس وحدهم. إنما هم يحاربون اللّه ورسوله. حينما يحاربون شريعته، ويعتدون على الأمة القائمة على هذه الشريعة، ويهددون دار الإسلام المحكومة بهذه الشريعة. كما أنهم بحربهم للّه ورسوله، وحربهم لشريعته وللأمة القائمة عليها وللدار التي تطبقها، يسعون في الأرض فسادا .. فليس هناك فساد أشنع من محاولة تعطيل شريعة اللّه، وترويع الدار التي تقام فيها هذه الشريعة ..
إنهم يحاربون اللّه ورسوله .. وإن كانوا إنما يحاربون الجماعة المسلمة والإمام المسلم. فهم قطعا لا يحاربون اللّه - سبحانه - بالسيف، وقد لا يحاربون شخص رسول اللّه - بعد اختياره الرفيق الأعلى - ولكن الحرب للّه ورسوله متحققة، بالحرب لشريعة اللّه ورسوله، وللجماعة التي ارتضت شريعة اللّه ورسوله، وللدار التي تنفذ فيها شريعة اللّه ورسوله.