هذه الإجراءات، كما كان العرب البدائيون! لأننا نستحم وننظف أعضاءنا بحكم الحضارة!
إنما هي محاولة مزدوجة لتوحيد نظافة الجسم وطهارة الروح في عمل واحد وفي عبادة واحدة يتوجه بها المؤمن إلى ربه. وجانب التطهر الروحي أقوى. لأنه عند تعذر استخدام الماء، يستعاض بالتيمم، الذي لا يحقق إلا هذا الشطر الأقوى .. وذلك كله فضلا على أن هذا الدين منهج عام ليواجه جميع الحالات، وجميع البيئات، وجميع الأطوار، بنظام واحد ثابت، فتتحقق حكمته في جميع الحالات والبيئات والأطوار في صورة من الصور، بمعنى من المعاني ولا تبطل هذه الحكمة أو تتخلف في أية حال.
فلنحاول أن نتفهم أسرار هذه العقيدة قبل أن نفتي فيها بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. ولنحاول أن نكون أكثر أدبا مع اللّه فيما نعلم وفيما لا نعلم على السواء (?).
كذلك يقودنا الحديث عن التيمم للصلاة عند تعذر الطهارة بالوضوء أو الغسل أو ضررها إلى لفتة أخرى عن الصلاة ذاتها. عن حرص المنهج الإسلامي على إقامة الصلاة وإزالة كل عائق يمنع منها .. فهذا الحكم بالإضافة إلى الأحكام الأخرى كالصلاة عند الخوف والصلاة في حالة المرض من قعود أو من استلقاء حسب الإمكان ..
كل هذه الأحكام تكشف عن الحرص البالغ على إقامة الصلاة وتبين إلى أي حد يعتمد المنهج على هذه العبادة لتحقيق أغراضه التربوية في النفس البشرية. إذ يجعل من لقاء اللّه والوقوف بين يديه وسيلة عميقة الأثر، لا يفرط فيها في أدق الظروف وأحرجها ولا يجعل عقبة من العقبات تحول بين المسلم وبين هذا الوقوف وهذا اللقاء .. لقاء العبد بربه .. وعدم انقطاعه عنه لسبب من الأسباب .. إنها نداوة القلب، واسترواح الظل، وبشاشة اللقاء .. (?)