هذه وتلك على السواء. وحكم هذه كحكم تلك في أنها تؤلف دين اللّه وشريعته ومنهجه وليست هذه بأولى من تلك في الطاعة والاتباع. لا، بل إن أحد الشطرين لا يقوم بغير الآخر. والدين لا يستقيم إلا بتحققهما في حياة الجماعة المسلمة على السواء. كلها «عقود» من التي أمر اللّه المؤمنين في شأنها بالوفاء. وكلها «عبادات» يؤديها المسلم بنية القربى إلى اللّه. وكلها «إسلام» وإقرار من المسلم بعبوديته للّه.
ليس هنالك «عبادات» وحدها و «معاملات» وحدها .. إلا في «التصنيف الفقهي» .. وكلتا العبادات والمعاملات بمعناها هذا الاصطلاحي .. كلها «عبادات» و «فرائض» و «عقود» مع اللّه. والإخلال بشيء منها إخلال بعقد الإيمان مع اللّه (?)!
وهذه هي اللفتة التي يشير إليها النسق القرآني وهو يوالي عرض هذه الأحكام المتنوعة في السياق: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... » ..
إن الصلاة لقاء مع اللّه، ووقوف بين يديه - سبحانه - ودعاء مرفوع إليه، ونجوى وإسرار. فلا بد لهذا الموقف من استعداد. لا بد من تطهر جسدي يصاحبه تهيؤ روحي. ومن هنا كان الوضوء - فيما نحسب والعلم للّه - وهذه هي فرائضه المنصوص عليها في هذه الآية: غسل الوجه. وغسل الأيدي إلى المرافق. ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين .. وحول هذه الفرائض خلافات فقهية يسيرة .. أهمها هل هذه الفرائض على الترتيب الذي ذكرت به؟ أم هي تجزئ على غير ترتيب؟ قولان ..
هذا في الحدث الأصغر .. أما الجنابة - سواء بالمباشرة أو الاحتلام - فتوجب الاغتسال ..
ولما فرغ من بيان فرائض الوضوء، والغسل، أخذ في بيان حكم التيمم. وذلك في الحالات الآتية:
حالة عدم وجود الماء للمحدث على الإطلاق ..
وحالة المريض المحدث حدثا أصغر يقتضي الوضوء، أو حدثا أكبر يقتضي الغسل والماء يؤذيه ..
وحالة المسافر المحدث حدثا أصغر أو أكبر ..