الحرص على إقامة الصلاة مهما كانت الظروف وعدم التفرقة بين العبادات والمعاملات

قال تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ، وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا. وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى، أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ، أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً، فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ. ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ، وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ، وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ..

إن الحديث عن الصلاة والطهارة إلى جانب الحديث عن الطيبات من الطعام والطيبات من النساء. وإن ذكر حكم الطهارة إلى جانب أحكام الصيد والإحرام والتعامل مع الذين صدوا المسلمين عن المسجد الحرام ..

إن هذا لا يجيء اتفاقا ومصادفة لمجرد السرد، ولا يجيء كذلك بعيدا عن جو السياق وأهدافه .. إنما هو يجيء في موضعه من السياق، ولحكمته في نظم القرآن ..

إنها - أولا - لفتة إلى لون آخر من الطيبات .. طيبات الروح الخالصة .. إلى جانب طيبات الطعام والنساء .. لون يجد فيه قلب المؤمن ما لا يجده في سائر المتاع. إنه متاع اللقاء مع اللّه، في جو من الطهر والخشوع والنقاء .. فلما فرغ من الحديث عن متاع الطعام والزواج ارتقى إلى متاع الطهارة والصلاة استكمالا لألوان المتاع الطيبة في حياة الإنسان .. والتي بها يتكامل وجود «الإنسان».

ثم اللفتة الثانية .. إن أحكام الطهارة والصلاة كأحكام الطعام والنكاح كأحكام الصيد في الحل والحرمة كأحكام التعامل مع الناس في السلم والحرب ... كبقية الأحكام التالية في السورة ... كلها عبادة للّه. وكلها دين اللّه. فلا انفصام في هذا الدين بين ما اصطلح أخيرا - في الفقه - على تسميته «بأحكام العبادات»،وما اصطلح على تسميته «بأحكام المعاملات» ..

هذه التفرقة - التي اصطنعها «الفقه» حسب مقتضيات «التصنيف» و «التبويب» - لا وجود لها في أصل المنهج الرباني، ولا في أصل الشريعة الإسلامية .. إن هذا المنهج يتألف من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015