تَجِدَ لَهُ نَصِيراً» .. ولقد يهولنا اليوم أن نجد دول الغرب كلها نصيرا لليهود. فنسأل: وأين وعد اللّه بأنه لعنهم، وأن من يلعن اللّه فلن تجد له نصيرا؟
ولكن الناصر الحقيقي ليس هو الناس. ليس هو الدول. ولو كانت تملك القنابل الأيدروجينية والصواريخ. إنما الناصر الحق هو اللّه. القاهر فوق عباده: ومن هؤلاء العباد من يملكون القنابل الأيدروجينية والصواريخ! واللّه ناصر من ينصره .. «وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ» واللّه معين من يؤمن به حق الإيمان، ويتبع منهجه حق الاتباع ويتحاكم إلى منهجه في رضى وفي تسليم .. ولقد كان اللّه - سبحانه - يخاطب بهذا الكلام أمة مؤمنة به، متبعة لمنهجه، محتكمة إلى شريعته. وكان يهوّن من شأن عدوها - اليهود - وناصريهم. وكان يعد المسلمين النصر عليهم لأنهم - اليهود - لا نصير لهم. وقد حقق اللّه لهم وعده. وعده الذي لا يناله إلا المؤمنون حقا. والذي لا يتحقق إلا على أيدي العصبة المؤمنة حين تقوم.
فلا يهولننا ما نلقاه من نصرة الملحدين والمشركين والصليبيين لليهود. فهم في كل زمان ينصرونهم على الإسلام والمسلمين .. فليست هذه هي النصرة .. ولكن كذلك لا يخدعننا هذا. فإنما يتحقق هذا الأمر للمسلمين! يوم يكونون مسلمين! وليحاول المسلمون أن يجربوا - مرة واحدة - أن يكونوا مسلمين. ثم يروا بأعينهم إن كان يبقى لليهود نصير.
أو أن ينفعهم هذا النصير! وبعد التعجيب من أمرهم وموقفهم وقولهم وإعلان اللعنة عليهم والخذلان .. يأخذ في استنكار موقفهم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين وغيظهم من أن يمن اللّه عليهم هذه المنة .. منة الدين والنصر والتمكين. وحسدهم لهم على ما أعطاهم اللّه من فضله. وهم لم يعطوهم من عندهم شيئا! ويكشف في الوقت ذاته عن كزازة طبيعتهم واستكثار أي عطاء يناله غيرهم مع أن اللّه قد أفاض عليهم وعلى آبائهم، فلم يعلمهم هذا الفيض السماحة ولم يمنعهم من الحسد والكنود: «أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ؟ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً! أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ؟ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً» .. يا عجبا! إنهم لا يطيقون أن ينعم اللّه على عبد من عباده بشيء من عنده .. فهل هم شركاؤه - سبحانه! - هل لهم نصيب في ملكه، الذي يمنح منه ويفيض؟ لو كان لهم نصيب لضنوا - بكزازتهم وشحهم - أن يعطوا