وكان عجيبا أن يقول اليهود: إن دين المشركين خير من دين محمد ومن معه، وإن المشركين أهدى سبيلا من الذين آمنوا بكتاب اللّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولكن هذا ليس بالعجيب من اليهود .. إنه موقفهم دائما من الحق والباطل، ومن أهل الحق وأهل الباطل .. إنهم ذوو أطماع لا تنتهي، وذوو أهواء لا تعتدل، وذوو أحقاد لا تزول!

وهم لا يجدون عند الحق وأهله عونا لهم في شيء من أطماعهم وأهوائهم وأحقادهم. إنما يجدون العون والنصرة - دائما - عند الباطل وأهله. ومن ثم يشهدون للباطل ضد الحق ولأهل الباطل ضد أهل الحق! هذه حال دائمة، سببها كذلك قائم .. وكان طبيعيا منهم ومنطقيا أن يقولوا عن الذين كفروا: هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا!

وهم يقولونها اليوم وغدا. إنهم يشوهون بوسائل الدعاية والإعلام التي في أيديهم كل حركة إسلامية ناجحة على ظهر الأرض ويعينون عليها أهل الباطل لتشويهها وتحطيمها - بالضبط كما كانوا يعينون مشركي قريش ويستنصرون بهم في الوقت ذاته - لتشويه الحركة الإسلامية الأولى وتحطيمها. ولكنهم أحيانا - لخبثهم ولتمرسهم بالحيل الماكرة ولملابسات العصر الحديث - قد لا يثنون ثناء مكشوفا على الباطل وأهله. بل يكتفون بتشويه الحق وأهله. ليعينوا الباطل على هدمه وسحقه. ذلك أن ثناءهم المكشوف - في هذا الزمان - أصبح متهما، وقد يثير الشبهات حول حلفائهم المستورين، الذين يعملون لحسابهم، في سحق الحركات الإسلامية في كل مكان .. بل لقد يبلغ بهم المكر والحذق أحيانا، أن يتظاهروا بعداوة وحرب حلفائهم، الذين يسحقون لهم الحق وأهله. ويتظاهروا كذلك بمعركة كاذبة جوفاء من الكلام. ليبعدوا الشبهة تماما عن أخلص حلفائهم، الذين يحققون لهم أهدافهم البعيدة! ولكنهم لا يكفون أبدا عن تشويه الإسلام وأهله .. لأن حقدهم على الإسلام، وعلى كل شبح من بعيد لأي بعث إسلامي، أضخم من أن يداروه .. ولو للخداع والتمويه!

إنها جبلة واحدة، وخطة واحدة، وغاية واحدة .. هي التي من أجلها يجبههم اللّه باللعنة والطرد، وفقدان النصير. والذي يفقد نصرة اللّه فما له من ناصر وما له من معين ولو كان أهل الأرض كلهم له ناصر وكلهم له معين: «أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ. وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015