قد يكون مقصودا .. ولكن الجزم بأن هذا أو ذاك أو ذلك هو «حكمة الصلاة» يتجاوز المنهج السليم والحد المأمون.
وقد جاء حين من الدهر قال بعضهم فيه: إنه لا حاجة بنا إلى حركات الصلاة الرياضية. فالتدريبات الرياضية المنوعة كفيلة بهذا بعد أن أصبحت الرياضة فنا من الفنون! وقال بعضهم: ولا حاجة بنا إلى الصلاة لتعود النظام. فعندنا الجندية - مجال النظام الأكبر. وفيها غناء! وقال بعضهم: لا حاجة لتحتيم شكل هذه الصلاة. فالاتصال باللّه يمكن أن يتم في خلوة ونجوة بعيدا عن حركات الجوارح، التي قد تعطل الاستشراف الروحي! وهكذا .. إذا رحنا «نحدد» حكمة كل عبادة. وحكمة كل حكم. ونعلله تعليلا وفق «العقل البشري» أو وفق «العلم الحديث» ثم نجزم بأن هذا هو المقصود .. فإننا نبعد كثيرا عن المنهج السليم في مواجهة نصوص اللّه وأحكامه. كما نبعد كذلك عن الحد المأمون. ونفتح الباب دائما للمماحكات. فوق ما تحتمله تعليلاتنا من خطأ جسيم. وبخاصة حين نربطها بالعلم. والعلم قلب لا يثبت على حال. وهو كل يوم في تصحيح وتعديل! وهنا في موضوعنا الحاضر - موضوع التيمم - يبدو أن حكمة الوضوء أو الغسل، ليست هي «مجرد» النظافة.
وإلا فإن البديل من أحدهما أو من كليهما، لا يحقق هذه «الحكمة»! فلا بد إذن من حكمة «أخرى» للوضوء أو الغسل. تكون متحققة كذلك في «التيمم» ..
ولا نريد نحن أن نقع في الغلطة نفسها فنجزم! ولكننا نقول فقط: إنها - ربما - كانت هي الاستعداد النفسي للقاء اللّه، بعمل ما، يفصل بين شواغل الحياة اليومية العادية، وبين اللقاء العظيم الكريم .. ومن ثم يقوم التيمم - في هذا الجانب - مكان الغسل أو مكان الوضوء ..
ويبقى وراء هذا علم اللّه الكامل الشامل اللطيف بدخائل النفوس، ومنحنياتها ودروبها، التي لا يعلمها إلا اللطيف الخبير .. ويبقى أن نتعلم نحن شيئا من الأدب مع الجليل العظيم العلي الكبير ..