وَقَالَ عضد الدولة: إِن المتنبي كَانَ جيد شعره بالعرب. فَأخْبر المتنبي بِهِ فَقَالَ: الشّعْر على قدر الْبِقَاع.

وَكَانَ عضد الدولة جَالِسا فِي الْبُسْتَان الزَّاهِر يَوْم زينته وأكابر حَوَاشِيه وقوفٌ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن يُوسُف الحكاري: مَا يعوز مجْلِس مَوْلَانَا سوى أحد الطائيين. فَقَالَ عضد الدولة: لَو حضر المتنبي لناب عَنْهُمَا. فَلَمَّا أَقَامَ مُدَّة مقَامه وَسمع ديوَان شعره ارتحل وَسَار بمراكبه وَأخْبرنَا أَبُو الْحسن السُّوسِي فِي دَار الْوَقْف بَين السورين قَالَ: كنت أتولى الأهواز من قبل المهلبي وَورد علينا المتنبي وَنزل عَن فرسه ومقوده بِيَدِهِ وَفتح عيابه وصناديقه لبلبل مَسهَا فِي الطَّرِيق وَصَارَت الأَرْض كَأَنَّهَا مطارف منشورة فحضرته أَنا وَقلت: قد أَقمت للشَّيْخ نزلا.

فَقَالَ المتنبي: إِن كَانَ تمّ فآتيه.

ثمَّ جَاءَهُ فاتك الْأَسدي بِجمع وَقَالَ: قدم الشَّيْخ فِي هَذِه الديار وشرفها بِشعرِهِ وَالطَّرِيق بَينه وَبَين دير قنة خشنٌ قد احتوشته الصعالكة وَبَنُو أَسد يَسِيرُونَ فِي خدمته إِلَى أَن يقطع هَذِه الْمسَافَة ويبر كل وَاحِد مِنْهُم بِثَوْب بَيَاض. فَقَالَ المتنبي: مَا أبقى الله بيَدي هَذَا الأدهم وذباب الجراز الَّذِي أَنا متقلده فَإِنِّي لَا أفكر فِي مَخْلُوق فَقَامَ فاتك ونفض ثَوْبه وَجمع من رتوت الأعاريب الَّذين يشربون دِمَاء الحجيج حسواً سبعين رجلا ورصد لَهُ فَلَمَّا توَسط المتنبي الطَّرِيق خَرجُوا عَلَيْهِ فَقتلُوا كل من كَانَ فِي صحبته وَحمل فاتك على المتنبي وطعنه فِي يسَاره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015