مغاني الشّعب طيبا فِي المغاني فَلَمَّا أنشدها وفرغوا من السماط حمل إِلَيْهِ عضد الدولة من أَنْوَاع الطّيب فِي الأردية الأمنان)
من بَين الكافور والعنبر والمسك وَالْعود وقاد فرسه الملقب بالمجروح وَكَانَ اشْترى لَهُ بِخَمْسِينَ ألف شَاة وبدرةً دراهمها عدلية ورداءً حشوه ديباج رومي مفصل وعمامة قومت بِخَمْسِمِائَة دِينَار ونصلاً هندياً مرصع النجاد والجفن بِالذَّهَب. وَبعد ذَلِك كَانَ ينشده فِي كل حدث يحدث قصيدة إِلَى أَن حدث يَوْم نثر الْورْد فَدخل عَلَيْهِ وَالْملك على السرير فِي قبَّة يحسر الْبَصَر فِي ملاحظتها والأتراك ينثرون الْورْد فَمثل المتنبي بَين يَدَيْهِ وَقَالَ: مَا خدمت عَيْني قلبِي كَالْيَوْمِ وَأَنْشَأَ يَقُول:
(قد صدق الْورْد فِي الَّذِي زعما ... أَنَّك صبرت نشره ديما)
(كَأَنَّمَا مائح الْهَوَاء بِهِ ... بحرٌ حوى مثل مَائه عنما)
فَحمل على فرس بمركب وألبس خلعة ملكية وبدرة بَين يَدَيْهِ مَحْمُولَة. وَكَانَ
أَبُو جَعْفَر وَزِير بهاء الدولة مَأْمُورا بالاختلاف إِلَيْهِ وَحفظ الْمنَازل والمناهل من مصر إِلَى الْكُوفَة وتعرفها مِنْهُ فَقَالَ: كنت حاضره وَقَامَ ابْنه يلْتَمس أُجْرَة الغسال فأحد المتنبي إِلَيْهِ النّظر بتحديق فَقَالَ: مَا للصعلوك والغسال يحْتَاج الصعلوك إِلَى أَن يعْمل بيدَيْهِ ثَلَاثَة أَشْيَاء: يطْبخ قدره وينعل فرسه وَيغسل ثِيَابه ثمَّ مَلأ يَده قطيعات بلغت دِرْهَمَيْنِ أَو ثَلَاثَة.
وَورد كتاب أبي الْفَتْح ذِي الكفايتين بن أبي الْفضل وَكَانَ من أجاود