فِيهِ للتَّرْتِيب الذكريّ وَيُقَال لَهُ: التَّرْتِيب الإخباري وترتيب اللَّفْظ أَيْضا.
وَذَلِكَ أنّ الْفَاء وثمّ يكونَانِ لترتيب الْأَفْعَال والأقوال وثمّ هُنَا لترتيب القَوْل بِحَسب الذّكر والإخبار والتلفّظ قَالَ الْفراء وَمِنْه: بَلغنِي مَا صنعت الْيَوْم ثمَّ مَا صنعت أمس أعجب.
وَإِلَيْهِ ذهب ابْن مَالك فِي التسهيل فَقَالَ: وَقد تقع ثمَّ فِي عطف المتقدّم بِالزَّمَانِ اكْتِفَاء بترتيب اللَّفْظ. انْتهى.
وَفِي هَذَا الْجَواب اعْتِرَاف بأنّ ثمّ هُنَا للتَّرْتِيب بِدُونِ تراخٍ ومهلة كَمَا صرح بِهِ الشَّارِح وَهُوَ خلاف وَضعهَا.
وَأجَاب ابْن عُصْفُور وَهُوَ الْجَواب الثَّانِي بأنّ ثمّ هُنَا على بَابهَا بِتَقْدِير أنّ الممدوح سَاد أوّلاً ثمَّ سَاد أَبوهُ بسيادته ثمَّ جدّه.
قَالَ فِي شرح الْجمل: وَمَا ذكره الْفراء من أنّ الْمَقْصُود بثمّ تَرْتِيب الْأَخْبَار لَا تَرْتِيب الشَّيْء فِي نَفسه فَكَأَنَّهُ قَالَ: اسْمَع منّي هَذَا الَّذِي هُوَ: بَلغنِي مَا صنعت الْيَوْم ثمَّ اسْمَع منّي هَذَا الْخَبَر الآخر الَّذِي هُوَ: مَا صنعت أمس أعجب لَيْسَ بِشَيْء لِأَن ثمّ تَقْتَضِي تَأْخِير الثَّانِي عَن الأول بمهلة وَلَا مهلة بَين الإخبارين.
وَأما قَول الشَّاعِر: إنّ من سَاد الْبَيْت فَيَنْبَغِي أَن يحمل على ظَاهره وَيكون
الجدّ قد أَتَاهُ السّودد من قبل الْأَب وأتى الْأَب من قبل الابْن.
وَذَلِكَ مِمَّا يمدح بِهِ وَإِن كَانَ الْأَكْثَر فِي كَلَامهم توارث السّودد وَيكون الْبَيْت إِذْ ذَاك مثل قَول ابْن الرُّومِي: الْبَسِيط
(قَالُوا: أَبُو الصّقر من شَيبَان قلت لَهُم ... كلاّ لعمري وَلَكِن مِنْهُ شَيبَان)
(فكم أبٍٍ قد علا بابنٍ ذرا حسبٍ ... كَمَا علت برَسُول الله عدنان)
انْتهى.)