ومصراع الْبَيْت الأول مدح بِحسن الِابْتِدَاء وعجزه غير ملائم لَهُ. والممدوح مطلع قصيدة للنابغة الذبياني: الطَّوِيل
(كليني لَهُم يَا أُمَيْمَة ناصب ... وليلٍ أقاسيه بطيء الْكَوَاكِب)
وَتقدم بَيَان حسنه فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بعد الْمِائَة.
قَالَ ابْن أبي الإصبع فِي تَحْرِير التحبير: لعمري لقد أحسن ابْن المعتز فِي اخْتِيَاره بَيت النَّابِغَة لحسن الِابْتِدَاء فَإِنِّي أظنّه نظّر بَين هَذَا الِابْتِدَاء وَبَين ابْتِدَاء امرىء الْقَيْس فَرَأى ابْتِدَاء امرىء الْقَيْس على تقدّمه وَكَثْرَة مَعَاني ابْتِدَائه متفاوت الْقسمَيْنِ جدا لِأَن صدر الْبَيْت جمع بَين عذوبة اللَّفْظ وسهولة السّبك وَكَثْرَة الْمعَانِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَجز وألفاظ الْعَجز غَرِيبَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى فَثَبت أنّ بَيت امرىء الْقَيْس وَإِن كَانَ أَكثر معَان من بَيت النَّابِغَة فبيت النَّابِغَة أفضل من جِهَة ملايمة أَلْفَاظه ومساواة قسميه.
-
وَإِنَّمَا عظّم ابْتِدَاء معلقَة امرىء الْقَيْس فِي النُّفُوس الِاقْتِصَار على سَماع صدر الْبَيْت فَإِنَّهُ يشغل الْفِكر بحسنه عَن النّظر فِي ملايمة عَجزه أَو عدم ملايمته وَهُوَ الَّذِي قيل عِنْد سَمَاعه للمنشد:)
حَسبك فَإِن قَائِل هَذَا الْكَلَام أشعر النَّاس لِأَنَّهُ وقف واستوقف وَبكى واستبكى وَذكر الحبيب والمنزل فِي شطر بَيت وَلم يستنشد الْعَجز شغلاً بِحسن الصَّدْر عَنهُ.
وَإِذا تَأمل النَّاظر فِي النَّقْد الْبَيْت بِكَمَالِهِ ظهر لَهُ تفَاوت الْقسمَيْنِ. انْتهى.