قَالَ شَارِحه الفالي: يَعْنِي يحْتَمل أَن لَا يكون مَعْطُوفًا عَلَيْهِ عطف الْمُفْرد بِاعْتِبَار تشريكهما فِي عَامل وَاحِد بل بِاعْتِبَار عطف الْجُمْلَة على الْجُمْلَة بِأَن يكون خبر إِنَّا هُوَ فِي شقَاق إِذْ لَيْسَ ينسبون الْبَغي إِلَى أنفسهم بل إِلَى المخاطبين خَاصَّة. فالعطف بِاعْتِبَار الْجمل لَا بِاعْتِبَار التَّشْرِيك. والعطف بِاعْتِبَار الْجمل جَائِز فِي الْجَمِيع.
وَقد أوضح صَاحب الْكَشَّاف فِي تَفْسِير سُورَة الْمَائِدَة وَتَبعهُ الْبَيْضَاوِيّ كَلَام
سِيبَوَيْهٍ فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فَقَالَ: والصائبون رفع على الِابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف وَالنِّيَّة بِهِ التَّأْخِير عَمَّا فِي حيّز إِن من اسْمهَا وخبرها كَأَنَّهُ قيل: إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى حكمهم كَذَا)
وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ شَاهدا لَهُ:
(وَإِلَّا فاعلموا أَنا وَأَنْتُم ... بغاة مَا بَقينَا فِي شقَاق)
أَي: فاعلموا أَنا بغاة وَأَنْتُم كَذَلِك.
فَإِن قلت: هلا زعمت أَن ارتفاعه للْعَطْف على مَحل أَن وَاسْمهَا قلت: لَا يَصح ذَلِك قبل الْفَرَاغ من الْخَبَر لَا تَقول: إِن زيدا وَعَمْرو منطلقان.
فَإِن قلت: لم لَا يَصح وَالنِّيَّة بِهِ التَّأْخِير فكأنك قلت: إِن زيدا منطلق وَعَمْرو قلت: لِأَنِّي إِذا رفعته رفعته عطفا على مَحل إِن وَاسْمهَا وَالْعَامِل فِي محلهَا هُوَ الِابْتِدَاء فَيجب أَن يكون هُوَ الْعَامِل فِي الْخَبَر لِأَن الِابْتِدَاء يَنْتَظِم الجزأين فِي عمله كَمَا تنتظمهما إِن فِي عَملهَا فَلَو رفعت الصابئون الْمَنوِي بِهِ التَّأْخِير بِالِابْتِدَاءِ وَقد رفعت الْخَبَر بإن لأعملت فيهمَا رافعين مُخْتَلفين.