فَإِن قلت: فَقَوله: والصابئون مَعْطُوف لَا بُد لَهُ من مَعْطُوف عَلَيْهِ فَمَا هُوَ قلت: هُوَ مَعَ خَبره الْمَحْذُوف جملَة معطوفة على جملَة قَوْله: إِن الَّذين آمنُوا إِلَخ وَلَا مَحل لَهَا كَمَا لَا مَحل للَّتِي عطفت عَلَيْهَا.
فَإِن قلت: مَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير إِلَّا لفائدة فَمَا فَائِدَة هَذَا التَّقْدِيم قلت: فَائِدَته التَّنْبِيه على أَن الصابئين يُتَاب عَلَيْهِم إِن صَحَّ مِنْهُم الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح فَمَا الظَّن بغيرهم وَذَلِكَ أَن الصابئين أبين هَؤُلَاءِ الْمَعْدُودين ضلالا وأشدهم غياً وَمَا سموا صابئين إِلَّا لأَنهم صبؤوا عَن الْأَدْيَان كلهَا أَي: خَرجُوا.
كَمَا أَن الشَّاعِر قدم قَوْله: وَأَنْتُم تَنْبِيها على أَن المخاطبين أوغل فِي الْوَصْف بالبغاة من قومه حَيْثُ عَاجل بِهِ قبل الْخَبَر الَّذِي هُوَ بغاة لِئَلَّا يدْخل قومه فِي الْبَغي قبلهم مَعَ كَونهم أوغل فِيهِ مِنْهُم. وَأثبت قدماً. انْتهى.
وَكَون هَذَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ من عطف الْجمل لَا من عطف الْمُفْردَات هُوَ صَرِيح كَلَامه.
-
قَالَ الشاطبي: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَر أَن الرّفْع فِي الْمَعْطُوف على الِابْتِدَاء هُوَ اسْتِئْنَاف جملَة معطوفة على أُخْرَى وَهُوَ الْأَظْهر من كَلَام سِيبَوَيْهٍ.
وَنقل عَن الْأَخْفَش وَالْفراء والمبرد وَابْن السراج والفارسي فِي غير الْإِيضَاح وَابْن أبي الْعَافِيَة والشلوبين فِي آخر قوليه وَجَمَاعَة من أَصْحَابه.
وَمِنْهُم من جعل ذَلِك عطفا حَقِيقَة من بَاب عطف الْمُفْردَات وَأَن قَوْلك: إِن زيداُ قَائِم وَعَمْرو)
عطف فِيهِ عَمْرو على مَوضِع زيد وَهُوَ الرّفْع كَمَا عطف على مَوضِع خبر لَيْسَ فِي نَحْو: فلسنا بالجبال وَلَا الحديدا