وَحَاصِله أَن لَا جرم فعل عِنْد سِيبَوَيْهٍ بِمَعْنى حق يطْلب فَاعِلا ومصدر عِنْد الْفراء يطْلب فَاعِلا أَيْضا. وَهَذَا عِنْدهمَا إِذا كَانَت أَن بعْدهَا وَأما فِي الْقسم نَحْو: لَا جرم لقد كَانَ كَذَا فَلَا. وَلَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ زَائِدَة إِلَّا أَنَّهَا لَزِمت جرم لِأَنَّهَا كالمثل. كَذَا قَالَ الأعلم.
وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف: وَالْوَقْف على لَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَلَا يجوز أَن توصل بجرم لِأَنَّهَا لَيست نَفيهَا. انْتهى.
وَعند الْفراء لَا ركبت مَعَ جرم وَصَارَت بِمَعْنى لَا بُد وَلَا محَالة ثمَّ اسْتعْملت بِمَعْنى حَقًا كَمَا تقدم.
وَقَالَ أَبُو حَيَّان: وَذهب الْفراء إِلَى أَن جرم بِمَعْنى كسب ركبت مَعَ لَا وَصَارَت بِمَنْزِلَة لَا بُد.
وَلَا يقف على لَا. وَأَن بعْدهَا على تَقْدِير من كَمَا تَقول: لَا بُد أَنَّك ذَاهِب أَي: من أَنَّك ذَاهِب. هَذَا كَلَامه وَفِيه نظر.
وَأما جرم بِدُونِ لَا المتصرفة كَالَّتِي فِي الْبَيْت فَهِيَ فعل مُتَعَدٍّ عِنْد سِيبَوَيْهٍ كَمَا يظْهر من قَوْله: أَي: أحقت فَزَارَة بِالْألف.
وَعند الْفراء متعدية تَارَة إِلَى مفعولين كَقَوْلِه فِي سُورَة هود وَلَيْسَ الأول على تَقْدِير حرف الْجَرّ كَمَا أَوله الشَّارِح وَإِلَى وَاحِد تَارَة كَقَوْلِه فِي سُورَة الْمَائِدَة.
وَعَلِيهِ مَشى الزّجاج والزمخشري. وَلم يقل أحد فِيمَا رَأَيْت إِنَّهَا فعل لَازم غير قطرب.
وَقَول الشَّارِح الْمُحَقق: وَحكى الْكُوفِيُّونَ فِيهَا عَن الْعَرَب وُجُوهًا من التَّغْيِير حكى الْفراء مِنْهَا وَجْهَيْن: قَالَ فِي تَفْسِير آيَة هود: ولكثرتها فِي الْكَلَام