مَا شَاءَ. فَقيل: يَا أَبَا حَيَّة أَفَرَأَيْت إِن أخرجناك إِلَى الصَّحرَاء فدعوتها فَلم تأتك فَمَاذَا تصنع بك قَالَ: أبعدها الله إِذن وَحدث يَوْمًا قَالَ: عَن لي ظَبْي يَوْمًا فرميته فرَاغ عَن سهمي فعارضه السهْم ثمَّ راغ فعارضه فَمَا زَالَ وَالله يروغ ويعارضه حَتَّى صرعه بِبَعْض الجبانات.
وَإِلَى هَذَا السهْم لمح ابْن نباتة الْمصْرِيّ بقوله:
(وبديع الْجمال لم ير طرفِي ... مثل أعطافه وَلَا طرف غَيْرِي)
(كلما حدت عَن هَوَاهُ أَتَانِي ... سهم ألحاظه كسهم النميري)
وَقَالَ يَوْمًا: رميت وَالله ظَبْيَة فَلَمَّا نفذ سهمي عَن الْقوس ذكرت بالظبية حَبِيبَة لي فعدوت خلف السهْم حَتَّى قبضت على قذذة قبل أَن يُدْرِكهَا.
وَكَانَ لأبي حَيَّة سيف يُسَمِّيه: لعاب الْمنية لَيْسَ بَينه وَبَين الْخَشَبَة فرق. وَكَانَ أجبن النَّاس حدث جَار لَهُ قَالَ: دخل لَيْلَة إِلَى بَيته كلب فَظَنهُ لصاً فَأَشْرَفت عَلَيْهِ وَقد انتضى سَيْفه لعاب الْمنية وَهُوَ وَاقِف فِي وسط الدَّار وَهُوَ يَقُول: أَيهَا المغتر بِنَا والمجترئ علينا بئس وَالله مَا اخْتَرْت لنَفسك: خير قَلِيل وَسيف صقيل لعاب الْمنية الَّذِي سَمِعت بِهِ
مَشْهُور ضَربته لَا تخَاف نبوته اخْرُج بِالْعَفو عَنْك قبل أَن أَدخل بالعقوبة عَلَيْك. إِنِّي وَالله إِن أدع قيسا إِلَيْك لَا تقم لَهَا وَمَا قيس تملأ وَالله الفضاء خيلاً ورجلاً سُبْحَانَ الله مَا أَكْثَرهَا وأطيبها.
فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ الْكَلْب قد خرج فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي مسخك كَلْبا وكفاني حَربًا وَنَظِير هَذِه الْحِكَايَة مَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق الحصري صَاحب زهر الْآدَاب