قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يزل أهل الْعَرَبيَّة يفضلون كتاب سِيبَوَيْهٍ حَتَّى لقد قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد لم يعْمل كتاب فِي علم من الْعُلُوم مثل كتاب سِيبَوَيْهٍ وَذَلِكَ أَن الْكتب المصنفة فِي الْعُلُوم مضطرة إِلَى غَيرهَا وَكتاب سِيبَوَيْهٍ لَا يحْتَاج من فهمه إِلَى غَيره وَقَالَ أَبُو جَعْفَر سَمِعت أَبَا بكر بن شقير يَقُول حَدثنِي أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ قَالَ سَمِعت الْجرْمِي يَقُول هَذَا وَأَوْمَأَ بيدَيْهِ إِلَى أذنية وَذَلِكَ أَن أَبَا عمر الْجرْمِي كَانَ صَاحب حَدِيث فَلَمَّا علم كتاب سِيبَوَيْهٍ تفقه فِي الحَدِيث إِذْ كَانَ كتاب سِيبَوَيْهٍ يتَعَلَّم مِنْهُ النّظر والتفتيش قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد حكى بعض النَّحْوِيين أَن الْكسَائي قَرَأَ على الْأَخْفَش كتاب سِيبَوَيْهٍ وَدفع إِلَيْهِ مِائَتي دِينَار وَحكى أَحْمد بن جَعْفَر أَن كتاب سِيبَوَيْهٍ وجد بعضه تَحت وسَادَة الْفراء الَّتِي كَانَ يجلس عَلَيْهَا وَكَانَ الْمبرد يَقُول إِذا أَرَادَ مُرِيد أَن يقْرَأ عَلَيْهِ كتاب سِيبَوَيْهٍ هَل ركبت الْبَحْر تَعْظِيمًا لما فِيهِ واستصعابا لألفاظه ومعانيه وَقَالَ الْمَازِني من أَرَادَ أَن يعْمل كتابا كَبِيرا فِي النَّحْو بعد كتاب سِيبَوَيْهٍ فليستحي مِمَّا أقدم عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضا مَا أَخْلو فِي كل زمن من أعجوبة فِي كتاب
سِيبَوَيْهٍ وَلِهَذَا سَمَّاهُ النَّاس قُرْآن النَّحْو وَقَالَ ابْن كيسَان نَظرنَا فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ فوجدناه فِي الْموضع الَّذِي يسْتَحقّهُ وَوجدنَا أَلْفَاظه تحْتَاج إِلَى عبارَة وإيضاح لِأَنَّهُ كتاب ألف فِي زمَان كَانَ أَهله يألفون مثل هَذِه الْأَلْفَاظ فاختصر على مذاهبهم