فِيهِ ولاستطالة تِلْكَ اللَّيْلَة كَأَنَّهُ لَا يرتقب انجلاءها وَلَا يتوقعه. فَلهَذَا حمل على التَّمَنِّي دون التَّرَاخِي.
قَالَ الإِمَام الباقلاني فِي إعجاز الْقُرْآن: وَمِمَّا يعدونه من محَاسِن هَذِه القصيدة هَذِه الأبيات الثَّلَاثَة وَكَانَ يعضهم يعارضها بقول النَّابِغَة:
(كليني لهمّ يَا أُمَيْمَة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الْكَوَاكِب)
(وَصدر أراح اللَّيْل عَازِب همه ... تضَاعف فِيهِ الْحزن من كلّ جَانب)
(تقاعس حَتَّى قلت لَيْسَ بمنقض ... وَلَيْسَ الَّذِي يَتْلُو النُّجُوم بآيب)
وَقد جرى ذَلِك بَين يَدي بعض الْخُلَفَاء فقدّمت أَبْيَات امْرِئ الْقَيْس وَاسْتحْسن استعارتها وَقد)
جعل لِليْل صَدرا يثقل تنحّيه ويبطئ تقضّيه وَجعل لَهُ أردافاً كَثِيرَة. وَجعل لَهُ صلباً يمتدّ ويتطاول. وَرَأَوا هَذَا بِخِلَاف مَا يستعيره أَبُو تَمام من الاستعارات الوحشية الْبَعِيدَة المستنكرة.
وَرَأَوا أَن الْأَلْفَاظ جميلَة. وَاعْلَم أَن هَذَا صَالح جميل وَلَيْسَ من الْبَاب الَّذِي يُقَال إِنَّه متناه عَجِيب. وَفِيه إِلْمَام بالتكلف وَدخُول فِي التعمّل انْتهى.
وَقَوله: كَأَن الثريا علقت الخ المصام بِفَتْح الْمِيم: مَوضِع الْوُقُوف. والأمراس: الحبال جمع مرس محركة. والجندل: الْحِجَارَة. يَقُول: كَأَن الثريا مشدودةً بحبال إِلَى حِجَارَة فَلَيْسَتْ تمْضِي.
قَالَ العسكري فِي التَّصْحِيف: وَمِمَّا خَالف فِيهِ ابْن الْأَعرَابِي الْأَصْمَعِي فِي الْمَعْنى لَا فِي اللَّفْظ قَوْله:
(كَأَن الثريا علقت ... . ..... ... ... ... . . الْبَيْت)