فالهاء فِي " مصامها " عِنْد الْأَصْمَعِي ترجع إِلَى الثريا. وَمعنى " مصامها ": موضعهَا ومقامها. وَهُوَ يصف اللَّيْل وَأَن نجومه لَا تسير، من طوله، فَكَأَن لَهَا أواخي فِي الأَرْض تحبسها. وَهَذَا مَذْهَب الْأَصْمَعِي. وَرَأَيْت هَذَا الْبَيْت فِي نَوَادِر ابْن الْأَعرَابِي وَفَسرهُ بتفسير عَجِيب، فَقَالَ وَرَوَاهُ:
(كَأَن نجوماً علقت فِي مصامه)
ثمَّ فسر وَقَالَ: شبه مَا بَين الحوافر وجثمانه، بالأمراس، وصم جندل، يَعْنِي
جثمانه. فَأخذ هَذَا الْبَيْت وصيره الْفرس، وَحمله على أَنه بعد:
(وَقد أغتدي وَالطير فِي وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل اه)
وترجمة امْرِئ الْقَيْس قد تقدّمت فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ.
وَأنْشد بعده، وَهُوَ
الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الْمِائَتَيْنِ
(ويلمّها رَوْحَة والرّيح معصفة ... والغيث مرتجز وَاللَّيْل مقترب)
لما تقدم قبله أَعنِي كَون التَّمْيِيز يكون عَن الْمُفْرد إِذا كَانَ الضَّمِير مُبْهما لَا يعرف الْمَقْصُود مِنْهُ فَإِن الضَّمِير فِي ويلمّها لم يتَقَدَّم لَهُ مرجع فَهُوَ مُبْهَم ففسره بقوله: رَوْحَة: فَهُوَ تَمْيِيز عَن الْمُفْرد أَي: ويلمّ هَذِه الروحة فِي حَال عصف الرّيح. فجملة وَالرِّيح معصفة حَال. ومعصفة: شَدِيدَة يُقَال: أعصفت الرّيح وعصفت لُغَتَانِ والغيث هُنَا: الْغَيْم. ومرتجز: مصوّت يُرِيد صَوت الرَّعْد والمطر. ومقترب: قد قرب.