وَهَذَا الْبَيْت من معلّقة امْرِئ الْقَيْس الْمَشْهُورَة. وفيهَا خَمْسَة أَبْيَات فِي وصف اللَّيْل وَهِي:
(وليل كموج الْبَحْر أرْخى سدوله ... عليّ بأنواع الهموم ليبتلي)
(فَقلت لَهُ لمّا تمطى بصلبه ... وَأَرْدَفَ أعجازاً وناء بكلكل)
(أَلا أَيهَا اللَّيْل الطَّوِيل أَلا انجلي ... بصبح وَمَا الإصباح مِنْك بأمثل)
(كَأَن الثريا علّقت فِي مصامها ... بأمراس كتَّان إِلَى صمّ جندل)
فَقَوله: وليل الْوَاو وَاو ربّ. والسدول: الستور جمع سدل وسدل ثَوْبه: إِذا أرخاه. يَقُول: ربّ ليل يحاكي أمواج الْبَحْر فِي توحشه وهوله وَقد أرْخى عليّ ستور ظلامه مَعَ أَنْوَاع الْحزن ليختبرني: أأصبر أم أجزع وَهَذَا بعد ان تغزّل تمدّح بِالصبرِ وَالْجَلد.
وَقَوله: ف لت لَهُ لما تمطى الخ تمطى: امْتَدَّ. وناء: نَهَضَ. والكلكل: الصَّدْر. والأعجاز: الْأَوَاخِر جمع عجز وَهُوَ من اسْتِعْمَال الْجمع مَوضِع الْوَاحِد. وَقد اسْتشْهد ابْن مَالك بِهَذَا الْبَيْت على ان الْوَاو لَا تدلّ على التَّرْتِيب لِأَن الْبَعِير ينْهض بكلكله وَالْأَصْل: فَقلت لَهُ لمّا ناء بكلكله وتمطّى بصلبه وَأَرْدَفَ أعجازه.
وَقَوله: أَلا أَيهَا اللَّيْل الطَّوِيل الخ انجلي: أَمر بِمَعْنى انْكَشَفَ وَالْيَاء إشباع. والإصباح: الصَّباح.
والأمثل: الْأَفْضَل. وَأورد هَذَا الْبَيْت فِي تَلْخِيص الْمِفْتَاح على أَن صِيغَة الْأَمر فِيهِ لِلتَّمَنِّي وَمَعْنَاهُ تمنى زَوَال ظلام اللَّيْل بضياء الصُّبْح ثمَّ قَالَ: وَلَيْسَ الصَّباح بِأَفْضَل مِنْك عِنْدِي لِاسْتِوَائِهِمَا فِي مقاساة الهموم أَو لِأَن نَهَاره يظلم فِي عينه لتوارد الهموم. فَلَيْسَ الْغَرَض طلب الانجلاء من اللَّيْل لِأَنَّهُ لَا يقدر عَلَيْهِ لكنه يتمناه تخلّصاً مِمَّا يعرض لَهُ