وإيجاز الحذف: عبارة عن حذف بعض لفظه، لدلالة الباقي عليه كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} 1 وكقول الشاعر:

ورأيت زوجك في الوغى ... متقلدًا سيفًا ورمحا

أي ومعتقلًا رمحا. ومثله قول الشاعر: علفتها تبنًا وماء باردًا،

أي: وسقيتها ماء باردًا.

وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته على الإيجاز:

واستخدم الموت ينهاه ويأمره ... بعزم مغتنم في زي مغترم

تقديره بعزم رجل مغتنم، ومثله في زي مغترم، ولكنه ما تحته في بلاغة الإيجاز كبير أمر.

والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وقول الشيخ عز الدين:

وسل زمانك تلف الكتب راوية ... إيجاز معنى طويل الذكر مرتسم2

الشيخ عز الدين إيجازه: وسل زمانك، أي أهل زمانك، وأما بقية البيت فلا أفهم له معنى، فإن البيت الذي قبله متعلق بمدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ماش في أثر الأبيات التي قبله، وأما رواية الكتب لإيجاز هذا المعنى الطويل المرتسم، فإنه نوع من المعميات، والله أعلم.

وأما بيت بديعيتي فهو قولي عن النبي، صلى الله عليه وسلم:

أوجز وسل أول الأبيات عن مدح ... فيه وسل مكة يا قاصد الحرم

الضمير في لفظة فيه عائد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والإيجاز البديع البليغ الغريب في قولي:

وسل أول الأبيات، فإنه إشارة إلى أول بيت وضع للناس، والإيجاز الثاني في قولي: وسل مكة أي وسل أهل مكة، فهذا البيت المبارك فيه إيجازان بليغان، وفيه التورية بتسمية النوع، وفيه المناسبة البديعة بين مكة والبيت والحرم، ومراعاة النظير أيضًا بين الإيجاز والمدح والإثبات، وفي الأبيات تورية أخرى، ونوع التمكين في القافية ظاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015